القبطان – حسام رستم
عرفت القاهرة المملوكية بأسواقها التى نالت شهرة واسعة وذاع صيتها، بسبب الانتعاشة الكبيرة فى حركة البيع والشراء، حيث احتضنت أسواق متخصصة “لا تباع السلعة إلا فيها”، والتى من أهمها “سوق الخيل” الذى أنشئ فى منطقة الرميلة تحت ساحة قلعة الجبل بالقاهرة، فضلاً عن أسواق لـ”آلات الخيل المختلفة”.
ومن العلامات المميزة لتلك الأسواق، أن عملية البيع فيها تتم بواسطة ما عرف حينها بالمنادى أو”الدلال”، وهو الشخص الذى ينادى على خيل المناداة أو “المراد بيعها”.
ولأهمية الخيل فى الاعتداد والتقوية فإن سلاطين المماليك، حرصوا فى وصيتهم لمقدم مماليكهم على أن يذكروه دائماً بأن “لا يقف فى الأسواق التى لا يليق الوقوف بها، كأسواق العطارين، القماش، وسوق الصناعة”، كما أنه لا يليق برتبته إلا فى سوق الخيل وسوق السلاح وسوق الكتب” باعتبارهم من كمال صناعة الجندية.
وحال تم الاتفاق بين البائع والمشترى على ثمن الفرس، داخل السوق، يتم توثيق عملية البيع بشكل يحفظ لكل من الطرفين كامل حقوقه.
ومن نصوص تلك العقود الموثقة: “أنه بسم الله الرحمن الرحيم، أقر المجلس العالى يشكر الظاهرى من طبقة “الأشراف” الإقرار الصحيح أنه قبض وتسلم من المجلس العالى السيفى جانيم من آقبردى – من طبقة الركايبة – من الذهب الأشرفى والظاهرى السالم من العيب الشرعى، أحد عشر دينار مصارى، وهو ثمن ما باعه وسلمه له واعترف بتسلمه، وهو جميع فحل، شاته أحمر محجل، الشفة اليسرى أغر عصفور، بجبهته شامة، به داغ .. والبيع فى حينه بشرط البراء من العيب الشرعى.. لا ضمان سوى درك الحال، وأكل العليق المعتاد”.
يشار إلى أن المنادى، هو الشخص الذى ينادى على خيل المناداة أو المراد بيعها، بينما الدلال، هو الذى يتوسط بين البائع والمشترى، من خلال عرض أفراس المناداة على المشترين فى حضور أصحابها أو غيابهم فى مقابل أجر يحصل عليه ويعرف باسم “الدلالة”، أو نصف السمسرة وهى “أن من باع شيئاً من الأشياء فإنه يعطى أجرة الدلال – على ما تقرر من قديم الزمان، عن كل مائة درهم درهمين.
وبتولى ناصر الدين الشيخى للوزارة قرر على كل “دلال” درهماً من كل درهمين فصار الدلال يجتهد حتى ينال عادته، فتضرر الناس من ذلك القرار وبعد تقدمهم بعدة استغاثات أبطل السلطان الناصر محمد القرار، فيما عرف بالروك الناصرى.