أتى السباق على ظهور الخيل فى حياة النبى، صلى الله عليه وسلم، الذى شجع على تربية وتدريب أكثر الخيول المنتقاة بين أتباعه، وقام بالإشراف على تدريب خيوله، وعلاوة على ذلك حضر سباقات كثيرة، وكثيرًا ما كان يمنح الجوائز للفائزين.
أقيمت السباقات الأولى فى العام الرابع الهجرى، وكانت الخيول لا تسابق حتى تبلغ عمر الخمس سنوات؛ لأن المسافات كانت طويلة، وكان العرب يخشَوْنَ كثرة إصابات الأمهار الصغيرة.
أخرج الشيخان عن ابن عمر – رضى الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سابق بين الخيل التى قد أضمرت من الحفياء إلى ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التى لم تضمر من الثنية إلى مسجد بنى زريق، وكان عبد الله بن عمر ممن سابق بها.
وفى صحيح البخارى من طريق موسى بن عقبة: فقلت لموسى: كم بين ذلك؟ يعنى الخفياء وثنية الوداع، قال: ستة أميال أو سبعة. قلت: فكم بين ذلك؟ يعنى الثنية ومسجد زريق، قال: ميل أو نحوه.
وقوله: أُضْمِرَت بضم الهمزة وإسكان الضاد المعجمة وكسر الميم وتخفيفها، ويجوز أن يقال فيها: ضمَّرت بتشديد الميم بدون همزة، والأول هو الرواية.
ويجوز فى قوله “لم تضمر” الوجهان: إسكان الضاد وتخفيف الميم وفتح الضاد وتشديد الميم والموافق لقوله (أضمرت) الأول.
التضمير: أن تُعلَف الخيل حتى تسمن وتقوى، ثم يُقلَّل علفها فلا تُعلَف إلا وقتًا، وتدخل بيتًا كنينًا، وتُغشَى بالجلال حتى تحمى وتعرق ويجف عرقها، فيخف لحمها وتقوى على الجرى.
الخفياء: بفتح الحاء المهملة وإسكان الفاء بعدها ياء مثناة من تحت يجوز فيه المد والقصر وجهان مشهوران، أشهرهما وأفصحهما المد والحاء مفتوحة بلا خلاف.
وثنية الوداع بفتح الثاء المثلثة وكسر النون وتشديد الياء المثناة من تحت.
والثنية: اختُلِف فى تعريفها، فقيل الطريق فى الجبل كالنقب، وقيل: الطريق إلى الجبل، وقيل: الجبل نفسه، وأضيفت إلى الوداع؛ لأن الخارج من المدينة يمشى معه المودعون إليها.
وﻻ بد من تعيين المبدأ والغاية، والأول: موضع ابتداء الجرى، والثانى: الموضع الذى ينتهى إليه.
والمعتبر فى عقدها على الخيل: السبق بالعنق، ويسمى الهادى؛ لأن الخيل تمد أعناقها، بخلاف الإبل فإنها ترفعها.
فإذا استوى الفرسان فى خلقة العنق طولاً وقصرًا، فالمتقدم بعنقه أولاً هو السابق، وإن اختلف العنق. فإن تقدم القصير فهو السابق أو الطويل، فبقدر زيادة الخلقة أو بدونها فلا أو بأكثر فسابق. والحلبة: خيل السباق.