من قصص عباس باشا الإنسانية مع الخيل، والتي تُروَى فى عشقه لها وتقديره للأصايل، أنه أهدى ملكة بريطانيا الحصان الصقلاوى “دربى”، لكن هذه الهدية لم تقدِّرها الملكة، وباعت الحصان، فاشتراه أحد التجار، وباعه في الهند، وعندما علم بذلك الباشا غضب غضبًا شديدًا، وأرسل إلى البدو الذين ربَّوا الحصان، وقال لهم: هل تميزون الحصان “دربي”؟ فأقسموا أنهم سوف يميزونه من بين ألف حصان مشابه له، فأرسلهم إلى الهند بصحبة مندوب موثوق به، وفعلاً عادوا ومعهم الحصان، واستغرق ذلك سنة كاملة، وكما يُروَى تكلف البحث عن الحصان خلال تلك الفترة 500 جنيه إسترليني.
وقصة أخرى تُروَى عن عباس باشا عندما أوفد على باشا الشماشرجي إلى الجزيرة العربية؛ ليشترى له خيولاً عربية، فاشترى له عددًا من الخيول، وكان من بينها واحدة بيعت وصاحبها فى الحج، فلما عاد وسأل عنها، أخبروه أنها بيعت لعباس باشا، فرفض البيع، وذهب إلى مصر لاسترجاعها، ودخل على عباس باشا، وطلب فرسه وكان يحمل نقودها، وقد مضى على البيع ثمانية أشهر، فقال عباس: إننا لا نعرف فرسك؛ لأننا اشترينا خيولاً كثيرة، فقال: هى ستعرفني، وإن لم تعرفنى فلا فرسَ لى عندكم. فوافقوا على ذلك، وأخرجوا الخيل جميعًا، فوقف صاحب الفرس على ربوة مرتفعة، وأخذ ينادى فرسه باسمها، فرفعت الفرس رأسها، وحركت أذنيها لتميز الصوت، فلما عرفت صوته، انطلقت تعدو إليه، وأخذت تتمسح بيديه وخديه، فقبلها وبكى من حرارة اللقاء وشدة الوفاء، فتأثر عباس باشا، وأعطاه الفرسه وثمنها، وطلب منه أن يَعِدَهم بمهرة من إنتاجها.
وعندما علم بأن شيخًا بدويًّا أُسِرَ خلال حملة محمد على باشا فى الجزيرة العربية، ولا يزال رهن الاعتقال فى قلعة القاهرة منذ أكثر من عشرين سنة، أطلق سراحه بشرط أن يحصل له على أحسن جواد فى نجد. ووفاءً لوعده أرسل الشيخ إلى عباس باشا الحصان “قادر” ذا الجمال الرائع والدم السامى.
كما يحكى الأمير محمد على توفيق عن إنسانيات جده عباس مع الخيل، حيث اشترى الفرس “جازية” صقلاوية، أصلها من خيل الرولة فى سوريا، بـ 3000 جنيه ذهب. ونظرًا لأنها لا تقوى على السير من نجد إلى مصر، أرسل لها عربة تجرها الخيول.
بعد وفاة عباس باشا وابنه إلهامى باشا، دُمِّرَت إسطبلات الدار البيضاء، حيث كان يتم البحث عن كنز عباس باشا المدفون بها، وتم استخدام الديناميت، ولا تزال بقايا إسطبلات الدار البيضاء على طريق السويس خير شاهد على تاريخ تأسيس مملكة الخيل الحديثة.