يقدم موقع ” الخيل” ملخصا عن كتاب أسماء خيل العرب وأنسابها وذكر فرسانها لأبى محمد الأعرابى
الخيل في حياة العرب
تشغل الخيل في أنسابها وصفاتها وإعدادها شطرة واسعة من تفكير العربي وحياته ، وما ذاك سوى تفسير لخصائصه الفطرية من جهة ، وتكيفه مع الواقع من جهة أخرى .
موطنها الأول
لذا فقد لازمت الفرس العربي منذ أن عرفته أرض الجزيرة العربية وتؤكد المصادر القديمة والدراسات الحديثة ، أن الفرس اصيل في شبه الجزيرة العربية ، لم يفد إليها من خارجها كما يدعي بعض الدارسين ، حيث يزعم أن الحصان الأصلي « نشأ خارج الجزيرة ، ثم أدخل إلى فلسطين وسورية من الشمال الغربي البلاد العراق إبان غزو المديانيين في القرن الحادي عشر قبل الميلاد ، فقد أدخله الهكسوس الرعاة من سورية إلى مصر ومنها إلى الجزيرة العربية
ما قيل في عروبتها
فإذا عدنا إلى نصوصنا القديمة في هذا ، وجدناها تؤيد هذه النتيجة العلمية الحديثة .
فمن الأحاديث النبوية التي تؤكد عروبة الخيل قوله * : اركبوا الخيل فإنها میراث أبيكم إسماعيل ,وبني الدميري على هذا الحديث وغيره فقال : « أول من ركب الخيل إسماعيل عليه السلام ، ولذلك سميت بالعراب ، وكانت قبل ذلك وحشية كسائر الوحوش “.
وروي عن النبي أنه قال : « أول ما خلق الله من الخيل ، خلق فرسا کمیتأ ، وقال عز وجل : خلقتك عربية ، وفضلتك على سائر ما خلقت من البهائم بسعة الرزق ، والغنائم تقاد على ظهرك والخير معقود بناصيتك .. .
مكانتها في العصر الجاهلي
وقد لمس العربي للفرس دوره الكبير في حياته ومصيره حتى غدا جزءا من وجوده الانساني الكريم ، يصاول به الأخطار ، ويدفع عنه غائلتها .. فغدا صنوأ للقوة البشرية في سواعد الأبناء وألسنة الشعراء الحداد ، فكان العرب “لا يهنئون إلا بغلام يولد ، أو شاعر ينبغ فيهم ، أو فرس تنتج ” .
ولكي يبقى الفرس قويا مستعدة ؛ لا بد للعربي من حسن رعايته وتغذيته وإيثاره .. فساواه بأبنائه وهم عدته وأحباؤه ,ولم يكن هذا الاهتمام بالخيل من العرب للزينة أو التفاخر ، فقد كانت وسيلتهم إلى العزة والنصر ، فالعربي كما أسلفت أبي بطبعه ، محارب مقدام بحكم ظروف حياته ، وامتلاكه فرسأ أصيلة سابقة يعني الفوز والغلبة في قراعه غازيا أو مدافعا .. يؤكد ذلك ما جادت به قرائح الفرسان مما يترجم عن الصلة بينهم وبين أفراسهم ، تلك الصلة التي يمتزج فيها شعور المحبة والإعجاب بشعور المصير الواحد ، فغلبة أحدهما نجاة للأخر ، وخذلان أحدهما إنما هي النهاية المحتومة لرفيق حياته ..
تكريمها في الإسلام
وقد أبقى الإسلام على مكانة الخيل ، بل إنه بالغ في الحث على الاهتمام بها لتكون مطية حمل الرسالة السماوية إلى الآفاق ، كما خصها الله ورسوله بما يكشف عن أهميتها البالغة بوصفها رمزا للقوة ، ووسيلة لرفعة الدين واهله . فكان من مظاهر ذلك أن أقسم بها سبحانه فقال : « والعادیات ضبحا ، فالموريات قدحا ، فالمغيرات صبحا ، فأثرن به نقعا ، فوسطن به جمعا .. » وجعلها تعالى أبرز أسباب القوة ، ورمزا باقيا لها عبر كل العصور ، فقال في ذلك سبحانه داعيا إلى مداومة الاستعداد للبأس واللقاء . وقد خص الخيل بالذكر دون غيرها من هذه الأسباب . فقال جل وعلا ، وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ، ترهبون به عدو الله وعدوكم ، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم .. ؟
وبالغ الإسلام في أجر فرس الرحمن فلم يترك مجالا لتردد أو زيادة لمستزيد حين قال عليه الصلاة والسلام : « من احتبس فرسا في سبيل الله تعالی ، إيمان بالله عز وجل واحتسابا ، وتصديقا بوعده ، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة.
وبمثل هذه العلاقة الوثيقة النبيلة بين الوسيلة والغاية ، جابت الخيول العربية الآفاق ؛ وطوى فرسانها معظم المعمورة آنذاك ، لنشر رسالة الحق والخير للدنيا والآخرة .