نعرض افتراءات القديس يوحنا بشأن تربية العرب والمصريين للخيل، والتي وصفها بالطريقة القاسية لتأمين خيولهم، سواء فى الإسطبل أو فى الميدان أو فى المخيم، والتي يرى – من وجهة نظره – أنها شديدة الضرر، حيث يتم تثبيت كل ساق على الساق المقابلة خلفها بحبل قصير، بحيث يتم ربط الأول بحبل كبير تحت الجسم، سواء عندما يتغذى الحصان، أو عند الراحة فى الحقل، وهناك حبلان آخران يمران من الزاوية الأمامية بزاوية قائمة مع جسده مثبتين فى بعضهما، فهذه الطريقة كانت قاسية، ولكنها كانت مُتَّبَعة لمنع الخيول من الهرب، فالمسافة المتروكة للحصان صغيرة من أجل التغذية بقدر ما يستطيع فى الإسطبل، وبجانب الأحبال القصيرة التى يُقيَّدُ بها الخيل يتم ربط رأس الحصان بحبلين فى السقف واثنين آخرين بالأرض بزاوية قائمة وحبلين من الخلف على الحائط أو الأعمدة، فى حين أن الساقين الخلفيتين مربوطتان، إما بالجدار الخلفى، أو بحبل قوى يمر على طول الأرض.
قد يكون بعض القيود على أماكن الخيول على القرب من بعضها دون أى خصم لمنع تشويه بعضها بعضًا، وذكر أنه رأى حصانًا واحدًا تم وضعه فى بوكس واسع مقيد بنفس الطريقة؛ لأنه شرس. أما بالنسبة للأمهار الصغيرة فكان من الصعب تقييدها.
وأعتقد أن هذا الكلام غير صحيح؛ فالأوربيون يحبون ادِّعاء المعرفة وأنهم على دراية بكل شيء.
استعان محمد على باشا بالطبيب البيطرى الفرنسى “هامونت”، حيث عمل لدى الباشا لمدة 14 عامًا، تولى خلالها الإسطبلات، وعمل هامونت على تحسين نظام إدارة الإسطبلات وتحصين الخيول وعلاجها.
هامونت يتهم إسطبلات محمد علي بالوحشية
اتهم “هامونت” إسطبلات محمد علي بالوحشية في مذكراته، حيث قال: تم تغيير نظام العمل فى إسطبلات الباشا، فكانت إدارة الإسطبلات تعتمد على الأتراك الذين يعاملون الخيل بطريقة وحشية، وكان بناء الإسطبلات منخفضًا للغاية مع القليل من التهوية والصيانة، وهذا كان يضر بصحة الخيول، كما يساعد على إيواء الذباب والبعوض، وكان بالإسطبلات تكدُّس وازدحام بالخيول، وتُربَط الأفراس بحبال من الرأس والأطراف بطريقة تجعل أى حركة مستحيلة؛ لذا أمرت بإحراق جميع الحبال ومعاقبة المسئولين عن عصيان القواعد الجديدة الخاصة بمعاملة الخيل، وكانت المهرات من الزحام والتكدس مصابة.
كان هناك 48 من الأفراس البيضاء مُقيَّدة فى الإسطبل، وكان بعضها وسيمًا، ويبدو أنه تمت تربيته جيدًا فى إسطبل آخر، وكان 61 مهرًا صغيراً رائعًا بشكل ملحوظ، لم ألاحظ فى هذه الإسطبلات أى أفراس، ربما كانت فى مبانٍ منفصلة، وكان 22 من الفحول فى إسطبل آخر، منها حصان رمادى مفتن وحصان نجدى ناعم وحصان كستنائى مملح، وكان يوجد 6 خيول بيضاء، 5 منها فى أكشاك كبيرة (بوكس)، وكانت سرعتها كبيرة، وهذه الخيول خاصة بالمراسلات. كانت الخيول تقف فى صفين تواجه بعضها بعضًا، ولم يكن أمام الخيول أى شيء سوى “المدود” الذى يوضَع فيه العليق.
كانت طريقة ربط الفحول أيضًا محكمة ومخصصًا لها مكان ليس بعيدًا عن الأطراف، كما تم تخصيص حصان طلوقة لكل 10 أفراس، وكان يتولى الخدمة والرعاية أناس ضعاف الجسد حسب تعبير هامونت، ولم يتلقوا رواتب جيدة. وبسبب ضعف المرتبات كانوا يضطرون إلى سرقة الأعلاف؛ لأن مرتباتهم غير كافية، وكانوا يبيعون بعض الخيل للحصول على أثمانها.
وهو وصف غير صحيح؛ لأن شخصية وطبيعة محمد على باشا لا تسمح بذلك، ودائمًا يحب الأجانب أن يصفوا أنفسهم من مبدأ المفاخرة والتميز.
ويكمل هامونت شرح حالة الإسطبلات بأنه يتم ربط المهرات قبل بلوغ سن الرشد، وهذا يُضعِفُها؛ بسبب قلة الأكل.
وفى غصون فترة زمنية قصيرة تمكن هامونت من إقناع الوالى بأن مجموعة كبيرة من المهرات نفقت قبل بلوغ ثلاث سنوات؛ بسبب الإهمال فى الرعاية.