روى علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال: «أُهدِيَتْ لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- بَغْلَة فركبَها، فقال عليّ: لو حَملنا الحمير على الخيل، فكانت لنا مثل هذه؟ فقال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم-: إنما يفعل ذلك الذي لا يعلمون» رواه أبو داود.
وفي رواية النسائي أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «قال: لن ينزَى حِمار على فرس» . رواه النسائي في سننه، وأحمد في “المسند”، والنووي في “المجموع”، وقال الألباني: إسناده صحيح.
وجاء في شرح الحديث أن الخيل حيوان له أهميته البالغة، لا سيما في الحروب والغزو في سبيل الله؛ لذا كرَّمها الرسول صلى الله عليه وسلم، بألا تقربها الحمير؛ حتى تظل خيلاً أصيلة، ونسلها نقيًّا.
والبغلة في الحديث: حيوان بين الحمار والحصان
وقول الإمام علي: “لو حمَلْنا الحَميرَ على الخيلِ”، يقصد أن تنزو الحمير على الفرس لكي تتناسل، وقوله: “فكانَت لنا مِثلُ هذه”، بمعنى أنتجت لنا البغال.
فكان رد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنه لا يفعل ذلك إلا الَّذين لا يعلمون أحكام الشَّريعةِ، أو لا يعلمون ما هو الأولى والأنسب، أو الذين لا يعلمون بأهمية وقدر الخيل، فيُجهِدونها في إنتاج البغال، وبالتالي يقل عدد الخيلِ، فينعكس على الجهاد في سبيل الله.
وقال العلماء في هذا الحديث إن الله امتنَّ علينا بالبغال كامتِنانِه بالخيلِ والحَميرِ في قوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: 8]، وخصصها باسمها، ونبَّه على ما فيها مِن المنفعة والزينة.
وقالوا بإباحة اتخاذ البغال وركوبها، حيث كان رسول الله صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على بغلةٍ يومَ حُنينٍ. وإنما كان منع النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لبني هاشم بسبب قلة الخيل عندهم، فإن زاد عدد الخيل عندهم، لم يُمنَعوا مِن إنتاجِ البغالِ، وبالتالي يكون إنتاج البغال مباحًا لغيرهم أصلا.
وقال ابن عباس – رضي الله عنه -: “… وما اختَصَّنا (صلى الله عليه وسلم) دون الناس بشيء، إلا بثلاثِ خصال: أمرنا أن نُسْبِغ الوضوءَ، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا نُنْزِي الحمار على الفرس”. حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وأحمد في مسنده.
تعليق واحد