عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال – صلى الله عليه وسلم – : «رَأْسُ الكُفْرِ نَحْوَ المَشْرِقِ، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل، والفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم» رواه البخاري ومسلم.
والمراد بالحديث أن تربية الخيول والإبل مدعاة للزهو والفخر على الغير، فيلزم المؤمن أن يعلم أنها نعمة من الله، ويتواضع لخلق الله، ويبتعد عن التفاخر على الآخر.
قال ابن حجر العسقلاني في “فتح الباري شرح صحيح البخاري”:
قوله: (الفدادين) بتشديد الدال عند الأكثر ، وحكى أبو عبيد عن أبي عمرو الشيباني أنه خففها وقال : إنه جمع فدان ، والمراد به البقر التي يحرث عليها ، وقال الخطابي : الفدان آلة الحرث والسكة ، فعلى الأول فالفدادون جمع فدان وهو من يعلو صوته في إبله وخيله وحرثه ونحو ذلك ، والفديد هو الصوت الشديد ، وحكى الأخفش ووهاه أن المراد بالفدادين من يسكن الفدافد جمع فدفد وهي البراري والصحاري ، وهو بعيد . وحكى أبو عبيدة معمر بن المثنى أن الفدادين هم أصحاب الإبل الكثيرة من المائتين إلى الألف ، وعلى ما حكاه أبو عمرو الشيباني من التخفيف فالمراد أصحاب الفدادين على حذف مضاف ، ويؤيد الأول لفظ الحديث الذي بعده وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل ، وقال أبو العباس : الفدادون هم الرعاة والجمالون، وقال الخطابي : إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب.
قوله : ( أهل الوبر ) بفتح الواو والموحدة ، أي ليسوا من أهل المدر ، لأن العرب تعبر عن أهل الحضر بأهل المدر وعن أهل البادية بأهل الوبر ، واستشكل بعضهم ذكر الوبر بعد ذكر الخيل وقال : إن الخيل لا وبر لها ، ولا إشكال فيه لأن المراد ما بينته . وقوله في آخر الحديث : ” في ربيعة ومضر ” أي الفدادين منهم .
قوله : ( والسكينة ) تطلق على الطمأنينة والسكون والوقار والتواضع . قال ابن خالويه لا نظير لها أي في وزنها إلا قولهم على فلان ضريبة أي خراج معلوم ، وإنما خص أهل الغنم بذلك لأنهم غالبا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما من سبب الفخر والخيلاء ، وقيل : أراد بأهل الغنم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم ، بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب إبل ، وروى ابن ماجه من حديث أم هانئ ” أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها اتخذي الغنم فإن فيها بركة .