يقول الكاتب الصحفي سعيد شرباش، مؤلف كتاب شخصيات صنعت تاريخ الحصان المصري في تمهيدي للكتاب: دوّنَ الكثير من المؤرخين الأجانب والمستشرقين الكثير عن تاريخ الحصان فى مصر، واطَّلعوا على أمهات الكتب؛ بحثًا عن تاريخ الخيل فى مصر، مثل: السلوك فى دول الملوك للمقريزي، وصبح الأعشى فى صناعة الإنشا للقلقشندى ، إلا أنه لم يصدر فى المكتبة المصرية بشكل خاص، والمكتبة العربية بشكل عام، كتاب يدوِّن هذا التاريخ؛ ليكون مرجعًا للأجيال القادمة.
وحرصًا منا على أن يكون تاريخ الحصان فى مصر مكتوبًا بكل حياد من واقع الوثائق والمستندات التى حصلنا عليها؛ بحثنا فى الكتب والمراجع التى صدرت فى عدة دول، وتناولنا ما كتبه الباحثون، مثل الليدى آن بلنت، والسيدة جودى فوربس، والسيد فون هيغل، والدكتور اروين ادولف بيدوش.
كما تناولنا ما كتبه مَن عاصر هذه المرحلة من المستشرقين، وكذلك وجهات النظر المختلفة لديهم ، مثل بوركهات وسادلير، والطبيب البيطري الفرنسي هامونت، ومخطوطات عباس باشا الأول، التى تُعَدُّ أول مرجع يدوِّن أصول الخيل العربية، وكذلك دراسة العنقرى الصادرة عن دارة الملك عبد العزيز، وما كتبه علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر.
كما تُعَدُّ كتابات الأمير محمد على توفيق مرجعًا هامًّا للباحثين، فقد تناول العديد من المعلومات الهامة عن تاريخ الحصان فى مصر، التى تُعَدُّ خارطة لفك رموز وطلاسم مرحلة هامة فى الفترة الزمنية الخاصة بجدِّه عباس باشا الأول وإلهامى باشا.
ويشمل الكتاب شرحًا عن الخيل فى مصر منذ عهد الفراعنة واهتمامهم بتربيتها، كما يشير إلى مجموعة من الشخصيات، ويُعَدُّ أحمس صاحب أول برنامج لتربية الخيول؛ حيث أراد إنتاج خيول قوية؛ ليتمكن حصانان فقط من جرِّ العربة الحربية؛ لتكون أكثر مرونة ومراوغة فى أعمال القتال ضد الهكسوس، حيث كانوا يستخدمون ثلاثًا من الخيول لجر العربة الحربية، كما أن كلمة “سايس” مشتقة من الاسم القديم “سسم”، وطريقة اللجام والأعنة والشكيمة أول من استخدمها المصريون القدماء.
وقد سجل رمسيس الثانى سطورًا خاصة بالخيل؛ ليتأكد أن الأجيال القادمة سوف تكون على علم ودراية بأصول الخيل.
أما نابليون مصر القديمة “تحتمس الثالث” فقد حصلت الخيول فى عهده على شهرة عظيمة عند سائر الأمم. وقد ذُكِرَ فى التوراة (الملوك الأول – 4: 28 و29)أن سيدنا سليمان، عليه السلام، كان يشترى الخيل التى تلزمه من مصر.
وكان للحصان المصرى دور هام فى نشر الدعوة الإسلامية، فقد أهدى ملك مصر القبطى “المقوقس” النبى الكريم، صلى الله عليه وسلم، اللزاز، كما لعب الحصان المصرى “الدنقلاوى” دورًا كبيرًا فى سنة 300 هجرية.
واهتم عمرو بن العاص بالخيل عندما فتح مصر، ومَنْ خلفه، وشهدت اهتمامًا بدرجات متفاوتة من سائر الملوك والسلاطين فى مصر، ومنهم أحمد بن طولون، وخلَفَه فى ذلك ابنُه خمارَوَيْهِ الذى أنشأ ميادين لسباق الخيول، كما اهتم الإخشيد بالخيول، وأنشأ محمد بن طغج الإخشيد ميدانًا للخيول السلطانية عُرِف بـ “البستان الكافوري”، وحرَصَ المعز لدين الله الفاطمى على إنشاء الإسطبلات، فأنشأ إسطبل الطارمة وإسطبل الجميزة، وكذلك اهتمت الدولة الأيوبية بالخيول، فهى دولة واجهت تهديدات وحروبًا كثيرة مع الصليبيين، وكانت الخيول والفرسان أهم عناصر الفوز فى المعارك.
أما المماليك فقد شهدت الخيول فى عهدهم الكثير من الازدهار، بالإضافة إلى التدوين، فالسلطان الناصر محمد بن قلاوون اشترى المهرة العربية الشهيرة القرطة بمبلغ 64 ألف دينار من الذهب، وهناك رواية أخرى أنه أعطى محمد بن عيسى أخا الأمير مهنا 100ألف درهم وضيعة بثمانين ألف درهم، كما سُمِّى على اسمه كتاب كامل الصناعتين لابن البيطار، والذى عُرف بالكتاب الناصرى، وتم بناء الإسطبلات الشريفة والإسطبلات السعيدة، والتى حَظِيَتْ برعاية مباشرة من السلطان، كما أصبحت الإسطبلات مجلسًا لنظر أمور العامة.
أما عصر محمد على فهو عهد وَضْع الأساس لمملكة الخيل المصرية الحديثة التى أنشأها حفيده عباس باشا الأول، والذى يُعَدُّ أعظم مُرَبٍّ ومُروٍّض للخيل، وقد حافظ ابنه إلهامى باشا على الخيول، وزادت فى عهده أضعاف ما تركه له والده، بعكس ما كتب عنه المؤرخون الأجانب. وهذا مُدوَّن فى كتاب “خطابات الأوامر للأمير محمد على توفيق”، واهتم على باشا شريف بالحفاظ على كنوز الخيل الموجودة فى مصر، حيث اشترى مجموعة من الخيول الخاصة بإلهامى باشا التى عُرِضت للبيع بعد وفاته، وواصل الأمراء الحفاظ على الخيول المصرية، فأنشأ البرنس أحمد كمال إسطبلات للخيول بالمطرية والبركة. ويُعَدُّ الأمير أحمد كمال المحافظ الأول على خيول على باشا شريف والوريث الشرعى لها ، وليس الليدى آن بلنت كما يذكر المستشرقون والكتاب الأجانب، وأنشأ الخديوى إسماعيل إسطبلات على كورنيش النيل، مكانها حاليًّا وزارة الخارجية، والخديوى عباس حلمى الثانى إسطبلات القبة، والليدى آن بلانت بصحراء عين شمس، والسلطان حسين كامل والأمير كمال الدين حسين بصفط قايد.
وللمرة الأولى يتم نشر كشف بأسماء خيول على باشا شريف ، والأمير أحمد كمال ، والأمير كمال الدين حسين.
ونستمر فى عرض الأحداث والشخصيات حتى بداية فكرة إنشاء قسم تربية الخيول ببهتيم، كما يتناول الكتاب استخدامات الحصان فى مصر.
تعليق واحد