علي باشا شريف.. رجل عسكري ذو شخصية خاصة درس العلوم العسكرية بمدرسة الخانكة، ثم أرسل في بعثة إلي فرنسا وتخرج من الكلية الحربية وعين بالجيش الفرنسي وترقي داخله حتى حصل على رتبة بكباشي وعين قائد لحصار فرنسا أثناء ثورة 1848، “وفقا للأمير محمد علي توفيق في كتابة تربية الخيول العربية”.
يعد علي باشا شريف من أكثر الشخصيات المصرية ولعًا بالخيل في العهد الملكي رغم شغله لمنصب رئيس “ديوان التجارة”، ثم رئيس مجلس الشوري للقوانين أنذاك، إلا أنه أصر علي أن يشتري نحو أربعين جوادًا من مزاداً بيع خيول عباس باشا، كما استرجع الأفراس التي تم بيعها وبنى لها اسطبلاً بالقرب من قصره بشارع بالهدارة القريب شارع عبد العزيز “ميدان العتبة” بالقاهرة، ليبدأ فى توليدها بصورة صحيحة.
وبإجراءات التى اتخذها على باشا، تم انقاذ خيول عباس باشا من البيع للخارج، حيث وفر لها سبل التكاثر والرعايه، ويؤكد الرحالة الروسي دوختروف ما قاله الدكتور فون هيجل من أن هذا المزاد شهد بيع أربع خيول لا مثيل لها في العالم، أفضلها الحصان “قادر” الذي أشترى لصالح مزرعة فيورتيمبيرغ، وعمره 26 سنة.
كما أشترى الثاني لمزرعة تربية الخيل النمساوية، والثالث للسلطان العثماني، والرابع اشتراه الصيرفي المليونير أوبينجايم، حيث أن المجموعة التي اشتراها علي باشا شريف رئيس ديوان التجارة ، أصلها جميعا من الحصان قادر.
حافظ على باشا على الخيول العباسية، وعمل على تكاثرها لمدة خمسة وثلاثين عامًا أخرى، ومن بين تلك الخيول الأربعين التي حصل عليها من مزاد العباسية ثمانية أفراس هي:
الجازية: صقلاوية من خيول الرولة، السمحة: صقلاوية من خيول براك ابن زبيني من الفدعا، فرس بن نقادان: طلوقة من سلالة دهمان شهوان من مربط عبد الله بن نقادان من العجمان، نورة: من سلالة دهمان شهوان، حجلة: من سلالة دهمان شهوان من خيول قبيلة العجمان، شويمة: من سلالة شويمة سباح، حرقا: من سلالة كحيلان “أبي عرقوب”، وجلابية فيصل: وهي الوزيرة من سلالة كحيلان جلابي.
ومن الخيول الفحول حصل على:
الزبيني: صقلاوي جدراني من خيول براك بن زبيني من بدو الفدعان، سمحان: صقلاوي جدراني ولد في مرابط عباس باشا، شويمان سباح: ولد في مرابط عباس باشا، سعيد: ولد في مرابط عباس باشا، وزير العوبلي: من سلالة كحيلان جلابي ولد في البحرين، سويد: صقلاوي جدراني من خيول الرولة.
وتؤكد قائمة الخيل أن علي باشا شريف، الوريث الشرعي لمرابط عباس باشا وخيولها المعروفة، وبخاصة: “الصقلاويات الجدرانية، الدهم، والشويمات”.
كما حافظ علي باشا علي مخطوطة عباس باشا التي تعد من أندر المخطوطات في العالم والتي دونت تاريخ الخيل وظلت بعد وفاته لدي أسرتة حتي عام 2008، حيث أهدتها السيدة جلسن شريف حفيدته إلي مكتبة جلالة الملك عبدالله بالمملكة العربية السعودية وتم عمل تحقيق عنها.
ولما كان أفضل مكان يلتقي فيه الأوربيين والمصريين، فندق “شبرد” في حي الأزبكية بالقاهرة، ففي هذا الفندق تعرف علي باشا شريف على زوجين أوربيين عام 1880، هما: “ولفرد بلانت” و”آنت بلانت” اللذين أسسا مربطًا حديثًا للخيول العربية في إنجلترا، فدعاهما لزيارة إسطبلاته.
وتقول “الليدي بلانت” في مذكراتها: “كنا في غاية الشوق لرؤية خيول الأمير علي باشا المشهورة، و دهشنا لجمال الخيول الموجودة في المرابط: “وزيرة، وشويمان، وعزيز، وغيرها من الخيول”، حيث بلغت الخيول ما يقارب المائة جواد.
لتتطور العلاقة بين علي باشا و”آل بلانت”، فاشتروا مجموعة من خيوله، وفي عام 1881 انتقل الزوجان بلانت إلى مصر، واشتريا مزرعة الشيخ عبيد بعين شمس، ليقوم مربط آل بلانت في القاهرة، وجمعا فيه عددًا كبيرًا من الخيول العربية، إضافة إلى المزرعة الأخرى التي يمتلكانها في بريطانيا، وقد كان لخيول علي باشا شريف دور كبير في تطوير مزرعة بلانت وغيرها من مزارع الخيول.
وأنتج علي باشا شريف نحو أربعمائة فرس من أطيب الخيول، وبذل جهودًا كبيرة في المحافظة على سلالات الخيول العربية الأصيلة، لكن معظمها فني نتيجة مرض الطاعون ولم يبق من المجموعة إلا قسم ضئيل.
وبعد وفاة علي باشا سنة 1897م بيع ما تبقى من هذه الأفراس في المزاد العلني، وقد اشترت مجموعة كبيرة منها الليدي آنت بلانت، وكان قرار الليدي بلانت بالبقاء في مصر مستمدًّا من وجود الخيل العربية الأصيلة فيها بالإضافة إلى كونها بلدًا منقذًا للخيل العربية الأصيلة بحكم تعلق ملوكها وأمرائها وأغنيائها بحب الخيل، ومحاولتهم جعل مصر الوطن المنقذ للخيل العربية.
وشيدت الليدى إسطبلات خاصة بتوليد الخيل، في منطقة الشيخ عبيد على أطراف الصحراء في ضاحية من ضواحي القاهرة عام 1882، وأبقت قسمًا من خيلها في مصر، وأرسلت القسم الآخر إلى مزرعتها في إنجلترا، وأنتجت من هذه الخيل الأصيلة جيادًا فاخرة وزعتها في مناطق كبيرة من العالم.
وبعد انفصال الليدي أن بلانت عن زوجها ولفريد في العام 1906، بقيت في مصر حتى وفاتها عام 1917م، ومن أشهر الخيول التي اشترتها بلنت: “مسعود” من الأمير علي باشا شريف وهو من سلالة الصقلاوي جدران ابن سودان والجواد مسعود هو الجد الكبير لخيول الليدي بلانت، وقد نقل إلى مزرعة الكرابت في إنجلترا بالإضافة إلى الفحل الطلوقة مرزوق.