كتب: عاطف صبيح
لم تكن حكاية الحصان العربي هانز الذكي Clever Hans الذي حير العلماء مجرد خداع كما ظن البعض، بل إنها أثبتت شيئًا آخر أهم من ذكاء الحصان في العمليات الحسابية، وهذه التفاصيل هي ما سنتناولها في هذا التقرير.
حكاية الحصان العربي هانز الذكي Clever Hans الذي حير العلماء
في أواخر القرن 19 ادعى عالم الرياضيات الألماني وليم فون أوستن أن الحصان العربي هانز الذكي Clever Hans يجيد المسائل الحسابية، وبعد أن أجرى معه بعض التمارين، تعلم الحصان أن يضرب الأرض بحافره؛ ليخبر أستاذه بالرقم المكتوب على السبورة، وكانت جميع إجاباته صحيحة ما عدا العدد 10.
وطوَّر الأمر لكتابة مسائل حسابية أكثر تعقيدًا، ومنها الجذور والكسور، ونجح هانز في كل إجاباته، ومنها مثلاً: إذا كان اليوم الثلاثاء يصادف الأول من الشهر، فماذا يصادف يوم الأحد من الأسبوع اللاحق؟
أجاب الحصان العربي هانز أمام الجمهور بـ 6 ضربات بحافره في الأرض.
“ما هو الجذر التربيعي للرقم 16؟
أجاب هانز الذكي بـ 4 ضربات في الأرض.
وحتى قراءة الحروف والأسماء، حيث كانت ضربة واحدة للأرض تعني حرف (أ) وضربتان (ب) وهكذا.
وكانت نسبة إجاباته الصحيحة 90%، بما يعادل قدرات فتى في الـ 14 من عمره.
تشكيل لجنة لتقصي الحقيقة
وأمام ذيوع شهرة الحصان هانز، حتى إن جريدة نيويورك تايمز كتبت عنه في صفحتها الرئيسية، شكلت هيئة التعليم الألمانية لجنة تقصي الحقيقة من اثنين من علماء الحيوان وعالم نفسي ومربي خيول وعدد من أساتذة المدارس ومدير سيرك، دون تدخل من العالم فون أوستن.
اللجنة: لا توجد خدعة
وبعد عمل اختبار شامل لقدرات الحصان هانز عام 1904، توصلت اللجنة إلى عدم وجود خدعة، وأن إجابات الحصان هانز حقيقية وصحيحة.
أوسكار يتوصل لنتائج مذهلة
ثم أحالت اللجنة تحقيقها إلى عالم النفس أوسكار فيونكست، فنصب خيمة كبيرة؛ ليبعد أي تأثيرات خارجية على إجابات الحصان، ووضع أسئلة كثيرة ومتنوعة تختلف إجاباتها بشكل دقيق.
ولاحظ أن هانز كان يجيب عن الأسئلة بصورة صحيحة، ولكن عندما يبتعد فون أوستن عن مكان الاختبار، تنخفض صحة الإجابات بعض الشيء.
وتوصل أوسكار الى نتيجتين مهمتين، الأولى أنه حال عدم معرفة الشخص الذي يطرح الإجابة، فإن دقة إجابة هانز تنخفض إلى الصفر تقريبا، والثاني أنه في حالة إخفاء طارح السؤال نفسه، تختفي معه قدرة هانز، وكأن الإجابة حجبت عنه.
كما توصل إلى أن محاصرة الحصان بأسئلة لا يمكنه الإجابة عنها، فإنها يضرب الأرض بصورة مستمرة؛ تعبيرًا عن ضيقه.
أوسكار يفشل في مجاراة ذكاء الحصان هانز
وبعد النتيجتين، خطر ببال أوسكار أمرًا عظيمًا؛ لذا واصل تجاربه؛ للتأكد من النتيجة الأهم، حيث شدد على مراقبة تفاعل الناس مع الحصان هانز، فلاحظ أن طريقة تنفس وجلوس وتعبيرات وجه الذي يوجه له السؤال، كلها تؤثر على ضربات حوافر الحصان، فيبدأ الحصان في ضرب الأرض، فإذا وصل إلى الإجابة الصحيحة تغيرت ملامح السائل، فأدرك الحصان بذكائه أنها الإجابة الصحيحة، فتوقف عن الضرب؛ لذا كانت إجابة هانز خطأ عندما يكون جاهلاً بالحل الصحيح.
وعكس أوسكار الاختبار، حيث قام هو نفسه بتقليد الحصان هانز، ففشل في هذا؛ حيث إنه لم يستطع التجاوب مع التعبيرات بدرجة دقة وذكاء الحصان، كما أن السائلين لم يكونوا قادرين على السيطرة على تعبيراتهم عند وصوله بضربات قدمه للإجابة الصحيحة.
أوستن يرفض نتائج أوسكار
ورغم التوصل عمليًّا لهذه النتائج، إلا أن فون أوستن، بوصفه عالم رياضيات ذي ثقل علمي، رفض هذه النتائج، واستمر في تقديم عروض الحصان العربي هانز الذكي، وجمع ثروات كبيرة من ورائه.
صحة نظرية أوستن
وبعد وفاة أوستن في عام 1909، انتقلت ملكية هانز إلى كارل كارل، جواهرجي من مدينة البيرفيلد، ففكر التوسع في فكرة أوستن، وعلم 4 خيول على الحساب والقراءة، وكان خيلان منهما أعميين، لا يبصران، ولا يمكنهما تمييز الإشارات والتعبيرات، ورغم ذلك كانا يعطيان الإجابة الصحيحة وبسرعة. وهو ما أكد نظرية أوستن بالتطبيق العملي.
وفسر الباحثون في علم الباراسايكولوجي (علم القدرات الخارقة وما وراء الطبيعة) بأن الخيول لديها قدرة على التخاطر عن بعد، وبهذا تتوصل للإجابة الصحيحة.