حرَصَ الأمير محمد علي توفيق على نقل خبرته في تربية الخيل إلى الأجيال القادمة، حيث يمضي فى استعراض جوانب مهمة من تجاربه قائلاً: وجدت أنه مهما كان الأب والأم جيدين، فلا سبيل إلى التحقق من إيجاد نتاج جيد، بل إنه قد لا يحصل من قطيع كبير من الأفراس الجيدة إلا على مهر أو اثنين ممتازين أو كاملى الصفات. وطالما قيل لى إنه توجد خيول ممتازة فى اليمن، فطلبتُ من صديقى الجنرال عزيز باشا والى اليمن أن يرسل لى شيئًا منها، فأرسل لى فعلاً حصانين وفرسًا، فبعتُ الحصانين بثمن بخس، ولكن الفرس أعجبتنى لكبر عيونها ورقة جلدها الذى تظهر منه الأعصاب والعروق الصغيرة، ولكن مع الأسف كانت عندها عادة التبول فى أثناء الركوب، ولا يخفَى ما فى ذلك من الضرر، خصوصًا عند ركوب الجماعة، فربما نثرت الفرس شيئًا من البول بذيلها على الراكبين، وفى ذلك من الأذى ما فيه.
وأضاف أنه: فى التربية لا أفضل الفرس القوية التركيب على خفيفة التركيب، بل المهم أن تكون الفرس فى صحة تامة وحالة حسنة تُمكِّنُها من الحمل والولادة وتغذية المولود.
وتابعت الأمير: ربيتُ الخيول العربية خمسًا وخمسين سنة، وإنى – بوصفى شرقيًّا وبعد أن اطلعت على ما كتبه الأوروبيون بغير تَحَرٍّ للحقائق فى الموضوع – أرى من واجبى إملاء ما لدىَّ من المعلومات القيمة فى هذا الموضوع على محبى الخيول فى العالم.
نصائح الأمير محمد علي توفيق لهواة تربية الخيول
قدم الأمير محمد علي توفيق عدة نصائح لهواة تربية الخيل؛ حتى يمكنهم إنتاج خيول جيدة، تزيد من جمال وقوة وتميز الخيل العربي الأصيل، فيقول: إذا رغِبْتَ فى أن تنشئ محلاًّ للتربية، فإننى أرى أنه يجب أن يكون لديك عدد وافر من الأفراس، ومحل فسيح فيه كثير من الحشائش الخضراء؛ كى تجرى فيه؛ حتى تكون نفقات صيانتها وتربيتها أقل ما يمكن.
ولضمان النجاح يجب أن يكون عدد الأفراس 30 فرسًا على الأقل، مع العلم بأنه لا يُشترَط أنك تتحصل على أمهار حسنة الشكل، حتى ولو كانت الأفراس وحصان “الطلوقة” من الدرجة الأولى فى جمال الخلقة كما يحصل فى الإنسان، وإنك لتدهش عندما ترى أطفالاً قبيحى الشكل من أبوين جميلين.
ولكن هذا ليس معناه أن ترفض الحصان أو الفرس إلا إذا كان البطن الثالث رديئًا أيضًا، وإذا كان عندك 30 أو 40 فرسًا، فإنك بلا شك تتحصل على 10 أو 15 مهرًا جميلاً على الأقل.
ويمضى الأمير محمد على توفيق فى نصائحه قائلاً: يمكنك أن تنتخب الأمهار التى هى من الدرجة الأولى للركوب والطلوقة وللعرض. أما الأمهار التى فى الدرجة الثانية فيمكنك أن تدربها على السباق، فإذا لم تصلح لذلك فبَيْعُها أَوْلَى.
ويجب أن تكون للفرس رقبة طويلة وبطن متسع، وهذا شرط أساسى فى فرس الإنتاج؛ لأن مثل هذه الفرس تلد أمهارًا أقوياء أصحاء، ويمكن أن تنتج مثل أجدادها السالفين أمهارًا جميلة.
أصالة جنس الخيل عند الأمير محمد علي توفيق
أكد الأمير محمد على توفيق أن بعض الخيول بها ميزات متأصلة تظهر دائمًا فى أولادها، وأن بعض الناس يعتقد أن الأفراس أقوى فى الأصالة من خيل الضراب (الطلائق)؛ لأنها هى التى يتغذى منها الطفل فى بطنها وبعد ولادته، وعقَّب بقوله: ولكنى شخصيًّا أعتقد أن المُعوَّل فى ذلك على قوة أصالة الجنس، سواء أكان فى الأم أم الأب.
وضرب مثالاً لذلك بالحصان “ابن ربدان”، من خيل الجمعية الزراعية الملكية، فهو غالبًا ينتج أولادًا شُقْرًا من أمهات مختلفة الألوان، لكن إذا ما أُعْطِىَ فرسًا أكثر أصالة فى لونها مثلاً، فإن ابنها يكون مثلها.
وأكد أن الحصان العربى يعتبر كامل النمو إذا أدرك سن الخامسة، فيصير قادرًا على العمل إلى أن يبلغ الثامنة والعشرين.
وأضاف الأمير محمد على توفيق: كان لدىَّ حصان يبلغ ثلاثين سنة، وحصان فى هذه السن يجب ألا يَنْزُوَ على أكثر من فرس واحدة صغيرة السن سنويًّا.
وأشار إلى أن فكرة اقتناء حصان أصيل جيد هى حلم لذيذ للهاوى الذى جمع معلوماته عن الخيول من الكتب، ولكن كثيرًا ما يغير رأيه ويعرف أنه ربما كان له حصان أصيل به بعض العيوب، فأعطاه نتاجًا لا عيب فيه، وتعليل ذلك أن الحصان لا ينتج مثله، بل ينتج مثل أجداده.
وينقل الأمير محمد على توفيق عن الليدى بلانت – حفيدة اللورد بيرون المغرمة بالخيل العربية التى تعرفها معرفة جيدة لكثرة ما زارت بلاد العرب – قولها: إن حصان الطلوقة لم يحُزْ جائزة فى المعرض لرقَّةِ عظامه ومفاصله، ولكن لنُجْبِ النتاج.
الأمير محمد علي توفيق وشروط الحصان الطلوقة
أوضح الأمير محمد علي توفيق الشروط الواجب توافرها في حصان الضراب (الطلوقة)؛ حتى ينتج خيولاً مميزة، وهي أن يكون متأصل الصفات فى إنتاجه وشكله، فيجب على منتخب حصان الطلوقة ألا يعتمد على محاسنه ونسبه، وأن يرى نتاجه للتأكد من أصالته، فكثيرًا ما يبيع العرب حصانًا أصيلاً بثمن بخس؛ لأن نتاجه لم يحقق ظنهم به، وحصان الضراب (الطلوقة) الذى لم يُتحقَّق من حسن نتاجه ربما أورثَ نتاجه بعض عيوب خفية بدلاً من أن يورثه محاسنه.
وتابع: يجب على المربى الذى ينتقى حصانًا (طلوقة) أن يرى نتاجه؛ ليعلم ما إذا كانت صفاته ثابتة فى نتاجه أم لا، ففى بعض الأحيان يكون الحصان أصيلاً وجميلاً، ولكن نتاجه يكون غير جيد؛ لظهور بعض النقائص به انتقلت إلى النتاج من أجداد هذا الحصان الجميل، والعكس بالعكس، فالمربى الخبير يجب ألا يحكم على حصان أصيل بعدم صلاحيته لنقيصة بسيطة لم تكن موجودة فى أجداده، حيث إنه من المحتمل جدًّا أن هذه النقيصة لا تظهر فى نتاجه.
واختتم بقوله: لذا يهتم العرب بانتقاء الفرس أكثر من اهتمامهم بانتقاء الطلوقة، حتى إنهم ينسبون أرسان الخيول إلى أمهاتها.