كتب: سعيد شرباش
سطر الأمير محمد على توفيق اسمه بحروف من نور في تاريخ مصر، حيث عُرِف بأنه محامي حركة الجهاد الوطني وراعى الخيل العربية الأصيلة؛ نظرًا لطبيعة نشأته في أسرة مغرمة بالخيل العربي.
يتصل نسب الأمير محمد على توفيق مباشرة بمحمد على باشا والى مصر، ويحمل اسمه، ويسبقه فى الترتيب الزمنى أبوه وثلاثة أجداد، هم: الخديوى توفيق، والخديوى إسماعيل، وإبراهيم باشا، ومحمد على باشا على الترتيب.
وأمه الأميرة أمينة نجية بنت إبراهيم إلهامى باشا ابن عباس الأول بن محمد على باشا الملقبة بـ”أم المحسنين” وهو شقيق الخديوى عباس حلمى الثانى، وولى عهده.
ولد الأمير محمد على توفيق بالقاهرة فى 9 نوفمبر سنة 1875م، وله ثلاث شقيقات، هن الأميرات: نازلى، وخديجة، ونعمة الله.
حرص الخديوى توفيق على أن يسير على نهج والده فى تعليم ولديه “عباس” و”محمد على”، فأنشأ المدرسة العلية على نفقته، وأعدها فى الوقت نفسه لتعليم أبناء الأمراء وبعض أبناء العظماء فى مصر.
كانت المدرسة تقع فى ميدان عابدين، ويحدها من الشرق باب التشريفات، ومن الغرب شارع المدبولى، ومن الشمال الميدان أمام القشلاق، ومن الجنوب شارع قولة، وهى لم تعد موجودة حاليًّا.
أعد توفيق احتفالاً باهرًا بافتتاحها عام 1881م، واختار للتدريس فيها أفضل الأساتذة المصريين والأجانب، وبلغ عدد التلاميذ يوم الافتتاح 50 تلميذًا.
وفى عام 1885 بعث الخديوى توفيق ولى عهده الأمير عباس حلمى وشقيقه الأمير محمد على توفيق إلى أوروبا، حيث التحقا بمدرسة “لانسى” بجنيف، ثم تركاها وذهبا إلى مدينة نيوشاتل بسويسرا، حيث أقاما فترة من الزمن مع أستاذهما عبد الرحيم بك أحمد الذى كان يدرس لهما آداب اللغة العربية.
والتحقا بعد ذلك بمعهد “تريزياتوم” فى فيينا، وظلا يتنقلان من معهد إلى معهد، ومن عاصمة إلى أخرى إلى أن توفى والدهما.
اشترك الأمير محمد على توفيق فى حفلات يوبيل الملكة فيكتوريا برتبة الفريق المصرية، ولما عين ياورًا فخريًّا للسلطان عبد الحميد، اعتذر له عن عدم قبول رتبة المشير التركية، التى كان يحملها فى ذلك الوقت أدهم باشا وعثمان باشا ومختار باشا؛ للفارق الكبير فى السن بينهم، فطلب منه السلطان قبول الرتبة علاوة على رتبة الوزارة التى سبق الإنعام عليه بها، وسمح له السلطان عبد الحميد بحمل لقب مشير مع ارتدائه زى آلاى الحرس السوارى “أرطغرول”، وذلك هو ما أبيح من قبل للأمير فردناند البلغارى.
نشأ الأمير محمد على توفيق فى أسرة تحب الخيل وتعشقها، فهو حفيد عباس باشا الأول مؤسس مملكة الخيل المصرية الحديثة.
وكان فى مقدمة الأمراء الذين ناصروا حركة الجهاد الوطني، فرعاها وآزرها، وكان وسيطها لدى السلطات ومحاميها البليغ.
نال محمد على توفيق حب واحترام الجميع؛ نتيجة مواقفه الوطنية، وامتد دوره لنصرة الشعوب العربية والشرقية تولى الأمير محمد على توفيق ولاية عهد مصر ثلاث مرات: الأولى لأخيه الخديوى عباس حلمى الثانى، والثانية للملك فؤاد، والثالثة للمك فاروق، وكان وصيًّا على العرش مابين وفاة الملك فؤاد وجلوس ابنه فارق على عرش مصر.
كان مولعًا بالرحلات والأسفار وتربية الجياد منذ صغره، وقدم للمكتبة العربية كتبًا ممتعة، منها: الرحلة اليابانية، ورحلة إلى أمريكا الشمالية، والرحلة الشامية، وكتاب الأوامر، وغيرها من المؤلفات الثمينة.
اهتم بالأدب ومجالس الأدباء، وحرص على تقريبهم إليه، ومطالعة مؤلفاتهم بعناية واهتمام، وتتبع سير النهضة العلمية والأدبية والاجتماعية، ولم يدع فرصة تمر دون أن يشملها بتشجيعه.