في منطقة عين شمس بمحافظة القاهرة، وعلي بعد 10 دقائق من مطار القاهرة الدولي، تقع محطة الزهراء لتربية الخيول العربية الأصيلة، والتى تعود ملكيتها إلي الحكومة المصرية متمثلة في وزارة الزراعة.
وكان لمصر جهود حثيثة فى العام 1887 للحفاظ علي الحصان العربي الأصيل، وذلك من خلال إنشاء قمسيون الخيل برئاسة الأمير عمر طوسون، الذى لم يحقق نجاح يذكر، ليتم تكليف قسم تربية الجاموس التابع للجمعية الزراعية الملكية عام 1908 بالحفاظ علي الخيول العربية الأصيلة.
وتم إنشاء محطة للخيول بمنطقة بهتيم، حيث وضع بها نخبة من أفضل الخيول المملوكة للأمراء والباشوات لتكون النواة الأولي، وفي عام 1914، أهدى للجمعية 16 فرسة من أفضل الخيول العربية من الخاصة بالخديوية والأمير محمد علي وأبو نافع باشا والليدي “أنت بلانت” والفيلد مارشال كارل كتشنر.
وفى العام 1917، تم شراء فرسة واحدة من أحمد أفندي بدر تعود أصولها لخيل الليدي “أنت بلانت”، وفي عام 1919 أهديت المحطة فرسة من الأمير محمد علي، بينما أشترت الجمعية الزراعية 7 فرسات من الليدي ونتورث والأمير محمد علي، والمسيو “كدغلي” تعود أصولها إلي خيول الليدي بلانت.
إلى ذلك أعتمدت الجمعية الزراعية الملكية خلال تلك الفترة علي 8 طلايق مهداة من الخديوي عباس حلمي والأمير يوسف كمال والأمير محمد علي، والليدي بلانت، واللورد كتشنر، حتى اشترت الجمعية في عام 1920 18 حصان من الليدي نتورث، “9 ذكور من الأمير محمد علي، وحصان من إبراهيم خيري باشا، وحصان من سعد الدين شتيلا باشا من بيروت ن وحصان من خيل السبق، وحصان أهدي من الخاصة الملكية”.
ومع العام 1928، اكتشفت الجمعية الزراعية عدم صلاحية بهتيم لتربية الخيول نظرا للزحف العمراني عليها، وأن أفضل بيئة لتربية الخيول هي الصحراء، فقررت نقل المحطة إلى منطقة صحراء عين شمش تحديدا بمنطقة “كفر الجاموس”، وذلك بإنشاء المحطة الجديدة علي مساحة 50 فدان، ليتم بناء محطة جديدة نقل إليها الخيل عام 1930، ومع زيارة الملك فاروق للمحطة تم تغير اسم المنطقة من كفر الجاموس إلي كفر فاروق.
ومن أبرز ملامح المحطة الجديدة إنشاء اسطبلات أكثر إتساعاً وعلى أحدث الطرز ترك حولها فضاء فسيح لترويض النتاج، وبهذا فقد وصلت الجمعية الزراعية الملكية إلى ما كانت ترمى إليه من إنشاء هذا القسم وهو الاستمرار في الإبقاء والحفاظ على الخيول العربية الأصيلة التي أشتهرت بها مصر وحافظت على أنسابها على المدى الطويل دون أن تخالطها أى أنساب أخرى، وظلت نقية الدم والأصل محفوظة النسب.
يشار إلى أن شهرة الحصان العربى المصرى زاعت في العالم لما له من مميزات قوية حيث يجمع بين جمال الهيئة وتناسب العضاء ورشاقة الحركة وسرعة العدو ووحدة الذكاء والمقدرة العالية على التكيف وسلاسة القيادة وعلو الهمة، كما يعد مصدرًا هامًا من مصادر توليد أفضل وأنقى وأجمل سلالات الخيل في العالم كله، حيث أنتج الحصان المصرى العديد من الأبطال الفائزين سواء في سباقات الجمال أو العدو.
كما أثر الحصان المصرى بجماله وقدراته في تحسين دماء الخيول من السلالات الأخرى، وأنتج العديد من الأبطال ذائعي الصيت ذوي الشهرة العالمية، وحرصاً على الإرتقاء بالمحطة، روعى اختيار أفضل العناصر البشرية في إدارتها أنذاك.
وأسند أمر المحطة للخواجة الإنجليزي “برنش ” الذي لعب دورًا هاما في عملية إنشائها، وتولي قسم التربية الدكتور أحمد باشا مبروك الذي لعب أيضا دورًا هامًا في الحفاظ علي الخيول وتكاثرها وإنتاج أفضلها، “وفقا لما جاء فى كتاب رحلة لبلاد العرب” أحد إصدارت الجمعية الزراعية الملكية.
وفي عام 1937 حمل الدكتور أحمد باشا مبروك رسائل من الملك فاروق إلى ملك نجد والحجاز وملحقاتها عبدالعزيز ال سعود، والملك غازي ملك العراق، وصاحب السمو الأمير عبدالله أمير شرق الأردن لتسهيل مهمتة في الحصول علي مجموعة من أفضل الخيول العربية لكنه لم يجد ما كان يبحث عنه ليعود بدون أي حصان.
وأقترح أحمد باشا أن تهدي الجمعية الزراعية مجموعة من أفضل الطلايق لأصحاب الجلالة والسمو، وبالفعل تم أهداء الحصان ابن منصور لملك نجد والحجاز، والحصان الفجر لسمو أمير الأردن والحصان ابن ربدان لجلالة ملك العراق.
ومن بين الخيول والطلايق المهداه الحصانين “الفجر وابن منصور” أخوة لشيخ العرب ونظير، لكن العرف المتبع في ذلك الوقت أن تكون الهدية أجود شيئ يتم تقديم، حيث كانت الهدية تقدم باسم الملك، “الملوك تقدم للملوك ما هو ثمين”.
ليتولى بعدها الدكتور عبدالعليم عشوب رئاسة قسم التربية، حيث اهتم خلال فترة ولايته بتأليف الكتب والمجلدات، حيث قام بتأليف كتاب “تربية الخيل بمصر”، ثم “ملحق تاريخ تربية الخيول بمصر”، كما قام بتأليف مجلدين مصورين عن الخيل هما “سجلات كفر فاروق الأول والثاني”، حيث لايزال السجل الأول موجود بمكتبة محطة الزهراء، أما السجل الثاني فقد أثناء عملية نقل المكتبة.
ومع تولي الجنرال تيبور دى بدكو سانترر، الشهير بالخواجة المجري لنحو 10 سنوات إدارة المحطة عمل على تطوير محطة الزهراء من الإنشاءات والمراعي بالإضافة إلى تأسيس مستشفي بيطري، ووضع أفضل برنامج لتربية الخيول تمكن من خلاله ابهار الأوروبين والأمريكان وأن يجعل محطة الزهراء قبلتهم.
واستمرت محطة الزهراء في النجاحات والإنجازات حتي العام 2010، وإعمالا بالمثل القائل “أن لكل جواد كبوه”، فإن المحطة بحاجة حاليا إلى الخبرة الكافية لإعداد برامج تربية ناجحة حتى تظل محط أنظار العالم وتخرج من كبوتها، لتعود إلى مكانتها العالمية.