كتب: عاطف صبيح
كشف باحثون قدرات الخيل العقلية والوجدانية الخارقة، وهو أمر سبقهم به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وله قصائد في هذا الشأن، منها:
مِنْ عَلَّم الخيلْ أنْ بإسمي تناديني
وأنِّي إذا جيت مِ البِعدْ إتِّلَقَّاني
تِفْرحْ بقُربي وتمازحني وتحَيِّيني
وَإنْ غبتْ عنها علىَ نارْ إتِّريَّاني
فهذه الأبيات ليس من قبيل المجاز في الشعر، ولكنها حقيقة علمية وتاريخية. ففي تراثنا العربي نجد هذا التناغم الروحي بين الخيل وفارسه، وأبرز مثال هو قول عنترة بن شداد:
ما زلتُ أرميهم بثغرة نحرهِ
ولبانه حتى تسربل بالدمِ
فازورَّ مِنْ وقْعِ القنا بلبانهِ
وشكا إليَّ بعبرةٍ وتحمحُمِ
وفي عصرنا الحالي كشف باحثون عن ذكاء الخيول الخارق، وذلك خلال تجارب قاموا بها؛ لدراسة قدرة الخيل البصرية على فهم تعبيرات وجوه البشر ومشاعرهم، وأيضًا حفظ هذه التعبيرات في ذاكرتها.
وفي هذه التجربة الفريدة عرض المشرفون عليها مجموعة من الصور الفوتوغرافية على 21 حصانا عدة دقائق. واختاروا صورا بها تعبيرات مختلفة لوجوه أصحابها، ما بين الوجوه المبتسمة والسعيدة والوجوه الغاضبة والكئيبة والوجوه المحايدة التي لا تدل على تعبير محدد.
بعد ذلك أحضر الباحثون أصحاب الصور، وجعلوهم يقفون أمام الخيول، فكانت ردود فعل الخيول عجيبة جدًّا؛ حيث طابقت وجوه الواقفين أمامها بصورهم التي رأتها واختزنتها فيي ذاكرتها، فلما اقترب الأشخاص أصحاب صور الوجوه المحايدة ، التي لا تدل على ابتسام ولا غضب، كانت ردود فعل الخيول جميعهم محايدة. وعندما اقترب أصحاب صور الوجوه المتجهمة المكتئبة الغاضبة، أدارت الخيول جميعها عيونها اليسرى فقط للتعرف عليهم بحذر، وهو سلوك تتبعه الخيول عند شعورها بقلق أو اقتراب خطر، وذلك حسب الخبراء.
ولكن عندما اقترب الأشخاص أصحاب الصور المبتسمة والضاحكة، استدارت الخيول إليهم بعيونها اليمنى، وأمعنت النظر فيهم بحميمية دون توقف.
وكانت نتيجة التجربة، التي أكدها الباحثون، أن ردود فعل الخيل عند رؤيتها البشر تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول المحايدة للتعبيرات المحايدة التي لا تعبر عن أي مشاعر بالغضب أو السعادة، والثاني القلق من أصحاب التعبيرات العداونية الغاضبة والمتجهمة، والثالث الراحة والترحيب عند مقابلة أناس مبتسمين.