جميعنا يستخدم الفعل “رَمَح، يرمَحُ” إذا أراد التعبير عن “الجري السريع”. هذا الاستخدام قديم فى اللسان المصرى إلى حد أن أجدانا فى القرن الماضى كانوا يسمون سباق الخيل “المرماح”.
انتشر مرماح الخيول فى سائر البلاد فى عهد السلطان ابن قلاوون، حيث كان يتواجد بنفسه لمشاهدة المرماح .
وانتشر المرماح بين العامة، وظل مرماح الخيل مستمرًّا حتى الآن فى صعيد مصر.
المرماح له مكانة خاصة فى مراكز وقرى محافظة أسوان، حيث يعتبره أهل هذه القرى والنجوع عيدًا لهم، ومناسبة كبرى لاستضافة الآلاف من المحبين للمرماح.
يُطلَق اسم المرماح على أرض سباق الخيول، ومئات الأفدنة فى المناطق الصحراوية القريبة من القرى المنظمة لسباقات الخيول فى أسوان تكون مضمارًا ليتسابق ويتنافس عليها الخيول.
تستضيف أسوان 19 مرماحًا فى كل عام على مستوى مراكز المحافظة الخمسة (أسوان، دراو، كوم أمبو، نصر النوبة، إدفو)، ومن أشهر المرماحات فى أسوان: “بنبان، الكوبانية، دراو، إدفو”، حيث يتأهب أهالى هذه الأماكن لاستضافة أبناء محافظات أسوان والأقصر وقنا، والبعض يأتى أحيانًا من سوهاج. وتنظم المرماح القبائل العربية فى أسوان، والهدف منها ليس المكسب والخسارة، بل هى سباقات بهدف الحب والتعارف، فالمكسب الحقيقى هو “المحبة”.
ويُنظَّم هذا المرماح منذ أكثر من 150 سنة، ولا يزالون مستمرين عليه، ويُربَّى الأبناء على حب هذه السباقات. والمرماح دائمًا ما يوافق مناسبات هامة، كالموالد أو الذكريات التاريخية، وحتى المناسبات القومية.
ويحتفل أهالى محافظة الأقصر بمناسبة المولد النبوى الشريف كل عام على طريقتهم الخاصة، وذلك من خلال إقامة “مرماح الخيل” الذى يقام سنويًّا بمنطقة المنشأة العمارى، ويجذب أمهر الخيالين فى صعيد مصر؛ ليتنافسوا فيما بينهم فى مهارة السيطرة على الخيول، واستعراض مهارات خيولهم العربية الأصيلة.
ويقتصر المرماح على مشاركة الرجال فقط، حيث يقوم المشاركون باصطحاب الخيول، وتدريبها على الحركة على نغمات الطبل والمزمار، فيما يدخل الخيَّالة فى تنافس للتسابق وقطع أطول المسافات، ويعكف الخيَّالة على تزيين خيولهم من خلال وضع الحلى المطعمة بقطع الفضة، والأحجار الملونة.
الدورة في الاحتفال بالمولد النبوي
تُعَدُّ “الدورة” من أبرز مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي، حيث يحتشد الآلاف من الأهالى، وينطلقون فى مسيرة يحملون خلالها الأعلام الخضراء، ويجوبون كل شوارع المدينة، تصاحبهم السيارات المزينة والأغانى الدينية.
وتزامنًا مع سباقات الخيول أو المرماح فى قرى أسوان يتم تنظيم ليلة احتفالية تسبق السباقات، تكون هى ليلة المرماح، يستقبل فيها الأهالى الضيوف، ويذبحون العجول، ويقيمون الولائم، ويستمتع الجميع بليالى “المزمار” وأغانى الكف ولعبة العصا (التحطيب)، وهى من الألعاب الشعبية.
وبالرغم من انقراض بعض الألعاب الشعبية فى المراكز والقرى، فإنها لا تزال موجودة حتى الآن، وهذه اللعبة لها أصول وقواعد يعرفها أصحابها، ومن أهم قواعدها عدم إيذاء المنافس؛ لأن الهدف هو الفوز بالمحبة.
ومن شروط المرماح أن يقام فى ساحة واسعة لا تقل مساحتها عن 3 آلاف متر، وأن يشارك فيه أكثر من 80 فارسًا من عائلات المحافظة والمحافظات المجاورة، وتُقدَّم إليهم الدعوة عبر أعيان القرية المقام بها، ولا بد أن يقام أيضًا على الموسيقى الشعبية فى الصعيد، مثل المزمار والطبل البلدى والربابة.