حكمت دولة المماليك مصر ما يقرب من 267 عامًا، من عام 1250 إلى عام 1517 م، ومع ذلك لم تنتهِ قوتهم فى مصر بنهاية دولتهم، بعد أن هزم السلطان العثمانى سليم الأول قائد دولة المماليك طومان باى فى معركة الريدانية، ولكن جاءت نهاية المماليك على يد محمد على فى عام 1811 في مذبحة القلعة.
اهتمت دولة المماليك بالخيول والفرسان؛ نظرًا للأخطار والحروب التى كانت تواجهها، فقد بدأ عهدهم بالحرب ضد التتار واقتلاع جذورهم فى المنطقة العربية بقيادة سيف الدين قطز فى معركة عين جالوت بفلسطين.
اعتمد نظام المماليك على ركيزة أساسية، هى الفرس والفارس، وكان ذلك يتطلب الاهتمام بالخيول العربية الأصيلة وإنشاء الإسطبلات. وازدهرت تجارة الخيول فى عهدهم وأسواق الخيل. ولم يتردد المماليك فى دفع أى ثمن لفرس عربى أصيل. وهذا ما أوضحته السجلات بأن السطان الناصر محمد بن قلاوون اشترى المهرة العربية الشهيرة “القرطة” بمبلغ 64000 دينار من الذهب وضيعة.
لو عاد بنا الزمان للخلف إلى بدايات القرن الثالث عشر ميلاديًّا، وسرنا على أقدامنا من خلف بيت السنارى حتى باب الخلق، مخترقين منطقة تحت الربع حتى باب زويلة؛ سنرى بها أمراء المماليك فى أحلى زى لهم، ممتطين خيولاً مزينة بأجمل السروج والكنابيش، وقد تَدلَّت سيوفهم من على جنباتهم، وسنابك الخيل تنقر الأرض معلنة أن هناك دولة وفرسانًا، وتسأل: إلى أين هم ذاهبون؟ فيعلن المنادى عن حفلة يحضرها السلطان بميدان الرميلة أسفل القلعة، يستعرض فيها فرسانه وهم يمارسون جميع مهاراتهم فى الفروسية واللعب بالكرة، ثم يبدأ مزاد وعرض الخيول؛ لينتقى منها السلطان ثم الأمراء ثم علية القوم والتجار.
مسابقة لـ1000 فارس برعاية الظاهر بيبرس
عُرف الملك الظاهر بيبرس بحبه الشديد للخيل واهتمامه بالفروسية، ويُذكَر أنه يوم 22 سبتمبر 1263م أقام سباقًا فى تروجة، وهى مكان وصل إليه أثناء عودته من الإسكندرية للقاهرة، حيث اجتمع ألف فارس من عرب تروجة للسباق، وانضم إليهم مجموعة من العسكر بخيولهم، وتم تحديد المسافة التى سيُجرون عليها السباق من قِبَل السلطان بيبرس، وبعد السباق أغدق الهدايا والمال على الفائزين.
كما نجد فى كتاب الظاهر بيبرس الاهتمام بالركاب خانة ووجود محلات تُسمَّى المجانيش، تبيع معدات الخيول ومستلزماتها.
ويذكر المؤرخ بيبرس القاضى (مؤرخ مملوكي عاش في مصر وعاصر كبار سلاطين الدولة المملوكية) أنه في 661 هـ بلغت قيمة العلف والبرسيم والتبن التى تأكلها الخيول الملكية فى الإسطبلات 50 ألف دينار، وكأنه يثبت النفقة وغُلُوَّها.
ازدهار إنتاج الخيل في عصر برقوق والمحمودي
جدَّد السلطان برقوق الاهتمام بالخيل العربية، وسار على نهج ابن قلاوون، وأنتجَ بالفعل الآلاف من هذه الخيول، وكانت الإسطبلات فى العصر المملوكى تُعرَف بالإسطبلات السلطانية أو الشريفة، وكانت توجد فى القلعة إسطبلات الأمراء، وتُعرَف بالإسطبلات السعيدة، كما تم عمل إسطبلات ملحقة بقصور الأمراء، وكذلك إسطبلات بالمنشآت الدينية والتجارية والعامة.
السلطان المؤيد شيخ بن عبد الله المحمودي
كان عاشقًا للفروسية، يُجيد فنون الحرب والقتال على ظهر الخيول، كما اشتُهِر العديدُ من أمراء المماليك بفروسيتهم، وفى عهده ازدهرت الفروسية والاهتمام بالخيل.