يرتبط اسم الطحاوية فى الوقت الحالى بأسماء الفرسات: فلة وفتنة وبنت بركات، وهى الفرسات الثلاث المؤسسات لإسطبلات حمدان التى انتشر إنتاجها بعد ذلك.
فأى خيل تعود إليها يُعتبَر خيلاً مُعترَفًا به دوليًّا. وكان أحمد باشا حمزة يهوى الأصايل، وأخذ من الطحاوية ثلاث مهرات من أبناء الحصان بركات بن الدهماء الشهوانية، وأبوه دهمان الكبير، اشتراه الشيخ عبد الله بن سعود الطحاوى من الشيخ جدعان بن مهيد الكبير من شيوخ قبيلة عنزة فى نجد.
أدخَلَ أحمد باشا المهرات الثلاث إلى برنامج التربية الخاص به، والثلاث مهرات هن فقط المسجلات فى WAHO، وأصبحت الثلاث مهرات نواة تكوين الخيل الطحاوي، وأرسانها: الصقلاوية الجدرانية (بنت بركات)، والشويمة السباحية (فلة)، والكحيلة الخلاوية (فتنة).
وعند مطالعة الكتب التى تناولت الخيل، نجد كل مَن كتب عن الخيول فى مصر ذكر الطحاوية، مثل الليدى “آن بلانت” و”جودى فوربس” والأمير محمد على توفيق.
وصف الأمير محمد على توفيق الطحاوية فى كتابه “تربية الخيول فى مصر” قائلاً: “لا يفوتنا ونحن فى سياق الكلام عن الخيل أن أذكر أن بعض قبائل البدو فى مصر قد عملت كثيرًا من أجل السباق والصيد، وهؤلاء العرب هم “الطحاوية” بجهة الصالحية المتاخمة لمنطقة قناة السويس. ورؤساء هذه القبيلة أناس حميدو الخلق حسنو البزة ينطبق عليهم وصف لفظة “جنتلمان”، وهم فرسان لا يُشَقُّ لهم غبار، يحبون الخيل، وعندهم منها نماذج جيدة، يزاولون اقتناص الغزال بواسطة الصقر على متن الخيل، ويُدرِّبون خيولهم على السباق، وكثيرًا ما تحرز خيولهم قصب السبق فى ميادين السباق فى مصر والإسكندرية. وأنا أشعر أنى مدين بكلمة مدح صغيرة لهؤلاء القوم؛ لأن من يحب الخيول ويهوى الرياضة يُقدِّر كل ما يعملونه لحفظ صفات ومجد العرب والخيول العربية”.
وذكر الأمير محمد علي توفيق الطحاوية فى الجزء الثانى من كتابه”تربية الخيول فى مصر”، كدليل على أهمية تدريب الخيل، والصفات التى يكتسبها الحصان من التدريب، والتغير الذى يحدث فى الجسم والتراكيب، حيث قال: “الدليل على ذلك أن صهرى البرنس كمال الدين أرسل حصانًا عمره سنة إلى قبيلة الطحاوية؛ لكى يركبه ولد صغير، ويصطاد عليه الغزال فى الصحراء، وكان غذاؤه الشوفان الأوروبى، فكسب الحصان سباقات كثيرة، ولذلك ترى أن المسألة مسألة تمرين بعد توافر الأصل الطيب”.
علاقة عباس باشا الأول بالطحاوية
ارتبط عباس باشا الأول بعلاقة وطيدة بقبيلة الطحاوية، حيث جاء فى كتاب “خطابات الأوامر” الأمر رقم 19 لسنة 1266 هجرية “السرج اليدوى المخصوص لركوبى غير موافق لفرسى، فأنا أخذتُ سرج حصان يونس أخى عامر الطحاوى الذى جاء موافقًا لفرسى، وأرسلت السرج الذى جاء به الجابى إلى طرفكم؛ لكى تراه بعينكم كيف صنعوه، فالأمل أن تأمر لصنع السرج من جديد؛ كى يكون موافقًا للفرس، وأَرْسِلوه إلى طرفنا عاجلاً حسب المطلوب”.
من هم الطحاوية؟
الطحاوية يسكنون الآن فى شكل نجوع تُسمَّى بأسماء أجدادهم فى محافظة الشرقية فى مراكز بلبيس وأبو حماد ومركز الحسينية منذ نحو أكثر من قرن، وأدى ذلك إلى الحفاظ على الكثير من موروثهم البدوى، مثل صيد الصقور والقنص بها وتربية الخيول العربية الأصيلة والكثير من العادات والتقاليد البدوية الأصيلة. وذكرت جودى فوربس فى كتابها أن “الطحاوية فى الستينيات” كانوا يملكون نحو ثلاثة آلاف رأس من الخيول العربية الأصيلة”، ولم يتم تسجيل سوى ثلاث فرسات فقط.
وقد استعانت الجمعية الزراعية الملكية بخيول أخرى من الطحاوية، مثل سباح، ونصر، وجمال الدين، وهارون، والفرس “ريما” التى سجلها المهندس سيد مرعى. وأيضًا من الفرسات الهامة وأم لكثير من الأبطال حول العالم الفرس معلومة. مثل هذه الخيول تم كشفها مؤخرًا عبر بحوث مشتركة لبعض أفراد الطحاوية بالتعاون مع باحثين عالميين.
وعند مطالعة الكتب التى تناولت الخيل، نجد الليدى آن بلانت فى حديثها عن خيول الطحاوية ومعاملاتها معهم وزيارتها لهم عام 1887، تحدثت عن هذه الزيارة بالتفصيل فى مذكراتها المودعة بالمكتبة البريطانية بلندن، حيث قالت فى مذكراتها:
إن الحصان سباح المملوك للأمير أحمد باشا كمال أبو المهر ابن جميلة الخاصة بالليدى بلانت وكذلك أبو عدد من الفرسات المؤسسة بالزهراء، مثل أم دلال ونافعة الصغيرة. هذا الحصان هو ابن الفرس المعنقية الحدرجية (السبيلية) التى حصل عليها الأمير أحمد باشا كمال من الطحاوية.
جودي فوربس والطحاوية
تحكى السيدة جودى فوربس فى كتابها “الخيل العربي” أنها ذهبت لزيارة الطحاوية بصحبة مدرب أدب الخيل الشهير أحمد حجازى ، حيث إن الطحاوية صنعت سمعة طيبة فى تربية الخيول العربية الصافية حتى أوائل الأربعينيات، ولكن عندما بدأ الشيخ عبد الحميد راجح الطحاوى، أكثر مربيهم شهرة فى الاهتمام بالسباق، أصبح برنامج التربية لديهم يهتم بالسباق؛ لأن السباق أصبح المنفذ الوحيد لبيع الخيول.
وصلنا إلى طريق رملى مبطن بأشجار النخيل والشجيرات الخضراء الطويلة، وصلنا إلى شخصية أرستقراطية على الرغم من السن المتقدمة، يتحرك بكرامة، يرتدى عباءة منسوجة من أجود الصوف. ورحب بنا هذا الرجل المسن بحرارة، وقدم لنا الشاى والقهوة، وهو واجب تقليدى للضيافة العربية. هكذا تعرفنا على الشيخ راجح الطحاوى، الذى كان يبلغ 95 سنة، وكان أكبر شخص فى عائلة الطحاوية، وكان يتسم بالبشرة البيضاء، وتجمعت العشيرة فى ذلك اليوم، وكانت جلسة ودية للغاية.
طرحت عليه الكثير من الأسئلة حول الخيول العربية وعن تاريخ الطحاوية، لكن عقله كان أرشيفًا، ونادرًا ما يتعثر فى الرد، كما ناقشت بعض الأسئلة عن تربية بعض خيول على باشا شريف فى برنامج التربية الخاص بهم، ولكن أنكرَ الشيخ ذلك.
أظهر لنا الخيول الثلاثة التى لها مكانة عالية، وهى الشويمة السباحية، وكحلية الخلوية، وصقلاوية جدرانية، كما كان لديه العبية أم جريس. وهذه سلالات أصبحت نادرة جدًّا فى الصحراء. أخذنا جولة فى قبيلة الطحاوية، وتعرفنا على طريقة تربية وتكاثر الخيول.