كتب : محمود محمد
برعاية الخديوي عباس حلمي الثاني وفى العام 1898 تأسست الجمعية الزراعية الملكية، بهدف إرشاد المزارعين حول كيفية النهوض بزرعاتهم
ومحصولهم، مع العمل على النهوض بالزراعة المصرية فى جميع نواحيها، بالإضافة إلى تقديم الخدمات للزّراع عبر إقامة المعارض وامدادهم بالتقاوى
الجيدة والأسمدة النقية والماشية الصالحة، وأحدث المعلومات الفنية وتحسين حالتهم الزراعية والاجتماعية.
ويعود الفضل فى تأسيس الجمعية إلى الأمير حسين كامل باشا، الذى كان يتولى حينها منصب رئيس جمعية تحمل اسم “جمعية الزهور”، ما دعاه إلى
التفكير في تكوين جمعية زراعية هدفها مساعدة الفلاح، والأخذ بيده في كافة مرافق حياته وأعماله.
وبدعوة من الأمير حسين كامل باشا، لعدد من الشخصيات وهم: “الأمير حسين كامل باشا، الأمير إبراهيم علي باشا، مستر جبسون، مسبو پاکی، محمد
الشواربى باشا، عمر لطفى باشا، على حلمى باشا، على شعراوى باشا، إسماعیل دبوس بك، ومستر کاری”، بدأ بحث فكرة تأسيس الجمعية في يوم
30 مارس من العام 1898.
ولما وجد الأمير الفرصة سانحة لتحقيق فکرتة دعا بعض الشخصيات وفريقا من أعيان البلاد في 17 نوفمبر من العام 1896،ليعرض عليهم فكرة إقامة معرض للمحصولات الزراعية يقام إلى جانب معرض الزهور.
وفي أول يناير من العام 1897، افتتح أول معرض مستقل للمعاملات الزراعية، حيث بلغ إيراده من رسم الدخول “7.836 قرشا”، بينما بلغت نفقات تنظيمه 26.327 قرشا.
ولمّح حسين كامل باشا، بوادر النجاح في هذه النتيجة المشجعة التي أسفر عنها
هذا المعرض الصغير، حيث عقدت في 6 أبريل سنة 1897 لجنة المعارض
اجتماعا في سراي الأمير بالجيزة، وفي هذا الاجتماع أخذت الفكرة تنضج و
تتطور، لتصدر اللجنة قرار بالعمل على إقامة بناء أرض الجزيرة، في أقرب وقت
حتى يتسنى إقامة المعرض به في العام 1898.
وبدأت دائرة العمل فى الاتساع، بما تجمع للجنة من اشتراکات وما لقيته من
تشجيع لدی سراة الأمة وكبرائها الذين أيدوها بنفوذهم حتى بلغ المجموع في
فترة قصيرة 63٫985 قرشا، وفي 14 يناير من العام 1898، أقيم المعرض
الثاني، ليلقى إقبالا أعظم ما لقى المعرض الأول.
وحرصت الجمعية على مساعدة أكبر عدد ممكن من المزارعين على تحسين
نتاج ماشيتهم، حيث باعت لكبار المزارعين في كل عام العجول الصالحة للتربية،
وهؤلاء بدورهم أطلقوا منها على ماشية المواطنين، وذلك بالإضافة إلى ما
تقوم به الجمعية من توزيع طلائقها.
وأعتنت الجمعية أيضا بتربية الخيول عناية خاصة منذ نشأتها، وذلك بالتعاون
مع قومسیون تربية الخيول، كما أصبح جليا في المعارض التي أقيمت في
مديريات الجيزة و بني سويف و الفيوم والمنيا وأسيوط وسوهاج في سنة
1899.
واستمر الحال إلى أن تم تحويل أعمال القومسيون على الجمعية في سنة
1908، وحذا قسم تربية الحيوان في باديء الأمر حذو القومسيون في استعمال
خپول انجليزية صغيرة الحجم لقلة الخيول العربية الأصيلة في ذلك الوقت، كما
أن تجربة تهجين الأفراس العربية بخيول انجليزية لم تأت بالنتيجة المرجوة
لشراسة نتاجها وعدم ملائمة شكلها، لتقرر الجمعية الاستعاضة عنها بخيول
عربية.
واستقر الرأي في العام 1914 على جمع الخيول الأصيلة الموجودة في أنحاء
البلاد وتربية طلائقها، حيث أنها خلاصة سلالة الخيول التي جلبها عباس باشا
الأول ورباها على باشا شریف، بينما لم تكن هذه الخيول “النسبة النقية الأصل”
موجودة سوى لدى الخديو عباس حلمي الثاني والأمير محمد على واللادي
بلانت، حيث استطاعت الجمعية الحصول على بعض الأفراس والخيول
الأصيلة، وقامت بتربيتها وكان النجاح حليفها في تربية هذه الأصايل ما شجعها
على متابعة عملها، حتى صارت جمیع خيول الطلوقة من الصنف العربى
الأصيل.
ورغبة في تهيئة الظروف لإيواء الخيول والحصان العربي على الأخص ونشأته،
أقامت الجمعية اسطبلات أخرى في بقعة صحراوية تلائم تربية الخيول العربية
على أرض مساحتها 55 فدانا بکفر فاروق بجهة عين شمس، وفي عام
1930 نقل فرع تربية الخيول نهائيا إلى هذه المنطقة، واستطاعت الجمعية
الأبقاء على الخيول العربية الأصيلة التي امتازت واشتهرت بها مصر.
وعمدت الجمعية إلى تموين قسم الطلوقة بالطلائق الممتازة اللازمة لتحسين نتاج الخيول بالقطر المصري، حيث بلغ عدد الطلائق نحو 50 رأسا.
ورأت الجمعية إزاء زيادة النتاج الاحتفاظ بعدد معين من الأفراس والنتاج، مع بيع الباقي سنويا للغواة والمربين، حيث أصبحت الجمعية مرجعا هاما تعتمد عليه الحكومات الأجنبية والأفراد في الحصول على ما يحتاجون إليه من هذا النوع، وكان من أثر هذا التقدير لمجموعة الخيول العربية الأصيلة التي تربيها الجمعية، أن أصبح يقصدها باستمرار كثير من كبار المربين والغواة من مصريين وأجانب.
وبذل القسم أعظم جهد للاحتفاظ بنتاج الأفراس بقوته ونشاطه، وذلك بأن لا يدخل فيه دما عربيا جديدا، حتى لا يفقد صفاته الممتازة ويتسرب إليه الوهن والضعف وعدم الاحتمال، كما كان للجمعية دورا هاما فى نشر وطباعة كتب تتحدث فيها عن كيفية النهوض بالمواشي والخيول.
مطبوعات الجمعية عن أبحاث تربية الحيوان
ومن بين مطبوعات الجمعیة عن أبحاث تربية الحيوان، “تحسين الماشية فى مصر”، و”تاريخ تربية الخيول العربية فى مصر”، و”رحلة إلى بلاد العرب”، و”التشخيص الحديث الحمل فى الأفراس” و”تربية الخيول العربية فى مصر”، و”تربية الحيوانات – الجزء الأول” و”تربية الحيوانات – الجزء الثانى“.
خاص موقع الخيل