كتب: سعيد شرباش
يواصل الأمير محمد على توفيق حديثه بالكلام عن رذائل الخيل، من خلال كتابه “رسالة فى خدمة الخيل والعناية بها”، وهو من طباع الخيل الخطيرة التى يجب الحذر منها، ويوضح الفرق بين رذيلة الخيل ورد الفعل لسبب يضايقها.
الرذائل
لدرس رذائل الخيول يجب أن تدرس طبائع الحيوان على وجه عام، فالحيوان وخصوصًا الحصان يسكن للعطف والاستئناس، ولكنه مجبول بطبيعته على مقاومة الشر بالشر، وخاصة إذا كان سريع التأثر.
فبعض الخيول تدافع عن نفسها إن أوذيت وتمتنع عن تأدية أى عمل شاق فوق طاقتها، فعملها هذا ليس رذيلة، ولكنها إن عوقبت فى هذه الحالة، فالعقوبة والعنف يزيدان فى عنادها، بل قد يُصيِّرانها خطرة، وينبتان فيها رذائل مكروهة، ويحملانها على أن تعتدى قبل أن يُعتدَى عليها.
وكثيرًا ما لاحظنا خيولاً، وخصوصًا الإناث منها، تبدى حركات غير عادية كأنها تهم بالعض والرفس، ولكنها لا تفعل. فهذا منها نوع من المداعبة ولفت الأنظار إليها، والخبيرون بالخيول يستدلون بهذا على أنها حساسة، وتبشر بمستقبل جميل.
والخيول التى من هذا النوع تستأنس بمرور الزمن بصاحبها وبمن يقرب منها استئناسًا يتحول إلى معرفة وشغف عظيم، فتهرع إلى الصوت الذى اعتادت سماعه، وتطيع صاحبها طاعة مصحوبة بسرور ونشاط.
وبعض الخيول تسكن للسائس، ولكنها شكسة مشاغبة إن هى أُوجِدَت مع خيول أخرى، وخصوصًا الإناث فهى تعض وترفس أى حصان غريب يقرب منها، ولكن سرعان ما تنشأ بينهما ألفة، حتى إنه ليحسن عدم تفريقها فى العمل أو فى الإسطبل، وبعض الخيول تأنس للفرد الواحد مهما كلفها، ولكنها تنفر من الجماعة، وتقاومها كأنها تتوجس خيفة، وتتوقع ما يؤلمها ويؤذيها.
وبعض الخيول تنزعج عندما تؤمر بخشونة، فلا تطيع، بل تلجأ للعناد. وبعض السياس يجهلون ذلك، فيضربون الخيل إذا رأوا منها هذا العناد، مع أنها لم تقترف فى الحقيقة ذنبًا تستحق عليه الضرب وتحذيرها من الرجوع إليه.
العض
ويمضى الأمير محمد على توفيق فى حديثه عن واحدة من أبرز سلبيات الخيل، بقوله: لاحظنا فى بعض الخيول كلفًا شديدًا بالعض، حتى إنها لا تأوى إلى إسطبلها إلا بعد أن تقدم برهانًا جليًّا على علو كعبها فى تلك الرذيلة الممقوتة.
فهى تبدو هادئة لا تظهر أى مظهر من مظاهر العدوان، حتى إذا قرب منها الرجل القرب الذى تتمكن معه من عضه، انقضت عليه بسرعة البرق الخاطف، فعضته ومزقت ثيابه، ثم تنكمش بعد ذلك فى زاوية من الإسطبل ترتعش، كأنها تننظر العقوبة القاسية التى تستحقها، والتى اعتادت أن تتحملها كل مرة بلا رحمة وبدون أن تكون لها نتيجة، بل هى على العكس تتمادى فى رذيلتها حتى تصير لها خلقًا متأصلاً، وحتى تصبح بمرور الزمن ضربًا من الصرع أو الجنون، وعندئذٍ ترى الخيل المصابة بهذه الرذيلة لا تقنع بالعض وتمزيق الثياب، بل تمسك بمن أمامها، ولا تزال تهزه هزًّا عنيفًا حتى يسقط تحت أقدامها، فتدوسه، وتكاد تقضى عليه.
وهذه الحالة الوحشية أكثر ما تكون فى خيول الطلوقة. ومن المؤلم أنه ليس هناك أى أمل فى الشفاء منها؛ فقد جُرِّبَ الضرب المبرح والعمل الشاق والتعذيب القاسى، ولكن بلا نتيجة تذكر.
وكل ما أمكن عمله فى حيوان ثمين هو أن توضع على فمه كمامة كلما كان ذلك ممكنًا، وأن يُعيَّن فى خدمته سائس يقظ جريء لا يقرب منه إلا ومعه ما يحمى به نفسه ساعة الخطر، كعصا غليظة يراها الحيوان أداة تهديد، فيرعوى.
رسالة فى خدمة الخيل والعناية بها (1)
رسالة فى خدمة الخيل والعناية بها.. أهمية وفوائد غسل الحصان (2)
رسالة فى خدمة الخيل والعناية بها.. زينة الحصان (3)
رسالة فى خدمة الخيل والعناية بها.. رعاية أذن ورأس وقوائم الحصان (4)
رسالة فى خدمة الخيل والعناية بها.. قص شعر الحصان (5)
رسالة فى خدمة الخيل والعناية بها.. نظام الإسطبل (6)
انتبه لتبديد الحصان العليقة والعلف والفزع من الباب.. رسالة فى خدمة الخيل والعناية بها (7)