روى سهل ابن الحنظلية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ الْمُنْفِقَ عَلَى الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَالْبَاسِطِ يَدَيْهِ بِالصَّدَقَةِ لَا يَقْبِضُهَا”. رواه أحمد، والألباني في صحيح الجامع.
وعن قيسٍ التَّغلبيِّ – وكان جليسًا لأبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه بدِمَشْقَ- أنَّه كان رجُلٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقالُ له: ابنُ الحَنظليَّةِ الأنصاريُّ، وكان رَضِيَ اللهُ عنه رجُلًا متوحِّدًا قلَّما يُجالِسُ الناسَ، إنَّما هو في الصَّلاةِ، فإذا انصرَفَ فإنَّما هو تسبيحٌ وتهليلٌ وتكبيرٌ حتَّى يأتيَ أهلَهُ، قال: فمرَّ بنا يومًا ونحنُ جُلوسٌ عِندَ أبي الدَّرداءِ، فسلَّمَ، فقال له أبو الدَّرداءِ: كلمةٌ ينفَعُ اللهُ بها ولا تضُرُّكَ، فقال: بعَثَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سريَّةً، فلمَّا قدِمَتْ جاء رجُلٌ حتَّى جلَسَ في المجلِسِ الذي فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال لرجُلٍ إلى جنْبِهِ: لو رأيْتَنا حينَ لَقِينا العدُوَّ، فطعَنَ فلانٌ فلانًا، فقال: خُذْها وأنا الغلامُ الغِفاريُّ، كيف ترَى؟ قال: ما أراهُ إلَّا قد أبطَلَ أجْرَهُ، قال آخَرُ: ما أرى بأسًا؛ فتنازَعوا في ذلكَ حتَّى سمِعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: سُبحانَ اللهِ! لا بأسَ أنْ يُحْمَدَ ويُؤْجَرَ، قال: فَسُرَّ بذلك أبو الدَّرداءِ، وجعَلَ يقولُ: أأنتَ سمِعْتَ هذا مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قال: فجعَلَ يقولُ: نعم، حتَّى إنِّي لَأَقولُ وهو يرفَعُ رأسَهُ إليه: لَيَبْرُكَنَّ على ركبتَيْهِ، قال: فمرَّ بنا يومًا آخَرَ، فسلَّمَ، فقال له أبو الدَّرداءِ: كلمةٌ تنفَعُنا ولا تضُرُّكَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُنفِقُ على الخيلِ في سبيلِ اللهِ كالباسِطِ يدَيْهِ بالصَّدَقةِ ولا يَقبِضُها، قال: فمرَّ بنا يومًا آخَرَ، فسلَّمَ، فقال له أبو الدَّرداءِ: كلمةٌ تنفَعُنا ولا تضُرُّكَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نِعْمَ الرجُلُ خُرَيْمٌ الأسديٌّ لولا طولُ جُمَّتِهِ، وإسبالُ إزارِهِ، قال: فبلَغَ ذلك خُرَيْمًا؛ فأخَذَ شَفرةً، فقطَعَ شَعرَهُ -جُمَّتَهُ- إلى أنصافِ أُذنَيْهِ، ورفَعَ إزارَهُ إلى أنصافِ ساقَيْهِ، قال: ثمَّ مرَّ بنا يومًا آخَرَ، فسلَّمَ، فقال له أبو الدَّرداءِ: كلمةٌ تنفَعُنا ولا تضُرُّكَ، فقال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّكم قادمونَ غدًا على إخوانِكم؛ فأصلِحوا رِحالَكم، وأصلِحوا لِباسَكم؛ حتَّى تكونوا كالشَّامَةِ في الناسِ؛ فإنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الفُحْشَ ولا التَّفحُّشَ.
أخرجه ابن حجر العسقلاني في “الأمالي المطلقة”، وهو حديث حسن.
وقال ابن عباس إن الآية: ﴿الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ نزلت في علف الخيل المربوطة في سبيل الله.