خاص موقع الخيل
“الدُّهمة، والخُضْرَة، والمَصّدأة، والكُمتة، والورْدة، والشّقرة، والصّفرة، والصِّنابية، والشّهبة، والبَلق” هى الألوان العشرة الرئيسية للخيل عند العرب، فيما وردت ألوان الخيل في التراث نثراً، أكثر مما وردت شعراً.
وقد أورد ألوان الخيل عدد من الكتاب، يستعرض ” موقع الخيل ” أشهرهم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي، في كتابه “مبادئ اللغة” ، كما أوردها القلقشندي، والكلبي، ويعد الأخير هو أكثر من فصّل القول في ألوان الخيول العربية نقلاً عن أبي عبيدة.
فالاستقصاء الدقيق لألوان الخيل، وأوصافها، والوقوف على الاختلافات الدقيقة بينها والتى لا تظهر للعيان بل للمختصين، يدُل على شِّدة عناية العرب بالخيل.
وكل لون من العشرة ألوان الرئيسية عند العرب يتفرع إلى درجات متفاوتة من اللون الرئيسي، وهى:
الدُّهْمة
هي السواد الخالص، والفرس الأدهم الخالص هو الذي تشتد خضرته حتى يَصْفى سواده، ويذهب ما يخالط الخضرة من الغبرة، ويُعد الأدهم الخالص أشد الخيل الدّهم سواداً، وأصفاها شَعْراً ولوناً،حيث تسمى الأنثى دهماء، والجمع “دهم ودهمان”.
ومن مراتب “الدهمة”: “الجْوُن”، وهو أقل سواداً من الأدهم الخالص، ثمّ “الأحم”: وهو أقل سواداً من الجَوْن، إلاّ أنه أحمر المنخرين والخاصرتين، ويقال فيه: أدهم أحم، وأدهم أحمر، ويعقب ذلك “الأكهب”: وهو أقل سواداً من الجون، وتحمر منخراه، وتصفر شاكلته صفرة تشبه الخضرة، فيسمى: الأدهم الأحوى “أي سواد إلى الخضرة أميل”، أمّا “الأصبح” فمثل الأحوى، منخراه أميل إلى الكمتة. و”الغيهبي”: الأدهم الحالك السواد، و”الدَجُوجي”: الأدهم الصّافي اللون.
وقالت العرب: “دُهمُ الخيل ملوكها” وقد روي عن الرسول الكريم قوله: ” “خَيْرُ الْخَيْلِ الأَدْهَمُ الأَقْرَحُ الأَرْثَمُ مُحَجَّلُ الثَّلاَثِ مُطْلَقُ الْيَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْهَمَ فَكُمَيْتٌ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ” (رواه أحمد)
الخُضْرة
“الخضرة”، وما يماثلها في ألوان الخيل، فهي: غبرة يخالطها دُهَمة حتى تضرب إلى الخضرة، وهي تختلف عن اللون الأخضر الذي هو لون الزرع والعشب وغيره، ذلك أن الخضرة هي السَّواد عند العرب، وليست الخَضَار، والأخضر من الخيل: لونه لون الخُضْرة، وهو “الديزج” عند الفُرس في قول بعضهم. والأخضر “الدَّيزج”: يكون لون وجهه وأذناه ومنخراه لون الرماد الأسود، وقد تسميه العرب الأدغم أيضاً.
والأخضر “الأحم”: هو أدنى إلى الدُّهمة وأشد سوادا،ً غير أن أقرابه وبطنه وأذنيه مخضرة، والأخضر “الأحوى”: هو المُشَاكل للدُّهمة، وهو أقل سواداً من الجون. و”الأصحم” من الخيل: هو الأخضر الذي فيه سواد إلى الصّفرة.
و”الأطحل”: هو الذي يعلو خضرته قليل صفرة كلون الحنظل، وقيل في “الطحلة”: إنها على لون الطّحال، وقيل: هي بين الغبرة والبياض، كما يُقال: “إذا اشتد سواد الأزرق فهو أطحل، والأورق من الخيل: هو الأخضر الذي لونه كلون الرماد ودخان شجر الرمث، وهو الذي تخضر سراته وجلده كله، ويكون من حاركه إلى اصل ذنبه خط أسود، ويسمى ذلك الخط، منه ومن أي الألوان كان، الغمامة “القهامة”، أما “الوُرْقَة”: فهي سواد في غبرة.
و”الطخم” من الخيل هو الأخضر، الذي لون وجهه ومنخريه وأذنيه لون الفرس، الذي يسمى الدّيزَج بالفارسية، و”الدّيزج” من نعوت الخضر، وهو فارسي معرب، وهو أسود الظهر والقوام والناصية والعُرف والذنب، يخضّرُ بطنه وباطن أفخاذه وآباطه ومحجر عينيه، وقيل في الدّيزج: “إنه الأسود في دُكْنة، ورأسه أشّد سواداً، والأربد من الخيل: هو الذي لونه دون لون “الأكهب” في السواد، وهو إلى الغبرة أقرب، يشبه لونه لون الرّماد. ومثله الأخضب والأرمد والطّلمة: نحو الرّبدة والرّمدة، هي غَبْرَة في سواد.
الصّدأة
“الصّدأة”، في ألوان الخيل كُدْرةٌ صَفِرة تَضْرِبُ إلى السواد، وتعلو كل لون من ألوان الخيل ما خلا الدّهمة، والفرس منها أصدأ، والأنثى صدأء؛ ويقال في الصَّدْأة إنها شَقْرة يخالطها سواد، وقيل: هي سواد مُشرْب حُمْرة، كما قيل أيضا: إنها لون بين الشُّقرة والدُّهمة، والأصدأ مثل الوِرْد والكُميت والأشقر، فهو فرع من درجات اللون الأحمر، إلاّ أن حمرته تُقارب السواد، وفيه صُفرة قليلة جعلت لونه أقرب إلى الصدأ.
الكُمتْة
وهى حُمْرةٌ يداخلها سواد، ويستوي فيها المذكر والمؤنث، ويُفّرق العرب بين الفرس الكُميت والأشقر، بالعُرْف والذنب، فإن كانا أحمرين، فالفرس أشقر، وإن كانا أسودين: فهو كُمَيْتٌ. والأحم من الكُمْت هو الأقرب إلى السواد.
و”الأحوى” هو الفرس الذي احمرت مناخره وأقرابه (القرب: الخاصرة)؛ ومراقه، وشعر جسده أقل سواداً من شعر الأحم، و”الأصحم”: أظهرُ حمرة في سراته من الأحوى، غير أن حمرته ليست صافية، و”المُدمّى” من الكمت: هو الشديد الحمرة في صفاء اللون. و”المذهّب”: هو الذي خالط حمرته صفرة تشبه لون الذهب.
و”الكُمَيْت الأحمر” مثل المُدمّى، إلاّ أنه أشد حمرة منه، وهو الذي اشتدت حمرته واستوت في أطراف شَعْره وأصوله، و”المحلف”: هو أدنى الكُمْتة إلى الشّقرة، وقيل: هو الذي لم يخلص لونه فيختلف الناظرون إليه، فيقول بعضهم هو أشقر، ويقول بعضهم وهو ما وِرْد، ويقول بعضهم هو كُمَيْت.
و”الكميت الأكلف”: هو الذي لم تَصْفُ حمرته، ويُرى في أطراف شعره سواد أقرب إلى الاحتراق، بينما “الكميت الأصدأ”: هو الذي فيه صدأة وكدرة وفيه صفرة قليلة شُهِّبت بصدأ الحديد، وتمدح العرب الفرس الكميت بصبره، وقوته، حتى قالوا في أمثالهم السائرة: إذا قيل إن الفرس الأحمر وقع من أعلى الجبل وسَلِم، صَدِّق”.
وقد ورد في كتاب الفروسية للرَّماح: أن رجلاً جاء إلى النبي الكريم فقال: “إني أريد أن أُعدّ فرساً”. فقال النبى الكريم “اشْتَرِ أَدْهَمَ أَرْثَمَ مُحَجَّلَ طَلْقَ الْيَدِ الْيُمْنَى أَوْ مِنْ الْكُمْتِ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ تَغْنَمْ وَتَسْلَمْ”، (رواه الدارمي، الحديث الرقم 2321).
كما أورد ابن الأثير في كتابه جامع الأصول في أحاديث الرسول، قول الرسول، “عَلَيْكُمْ بِكُلِّ كُمَيْتٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَوْ أَشْقَرَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَوْ أَدْهَمَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ”، (رواه أبو داود، الحديث الرقم 2181)، بينما قالت العرب: “دهم الخيل ملوكها وشقرها جيادها وكمتها شدادها”.
الوِرْد
وهي الحمرة الخالصة في الخيل، بينما الجلد وأصول الشعر سودوان، وفي وسط الظهر من الحارك “الحارك: ملتقى لوحتي الكتفين بين العُنق والظهر”، إلى الذنب خطة صهباء، هي أقرب إلى السواد، تُسمى “القهامة”.
و”الوِرْد الأسود”، هو الذي تعلوه صفرة مشاكلة للون الكمتة المذهّبة تعلوها كدرة، وغمامته سوداء حالكة، و”الأغبس”: هو ما تسميه العجم “السّمَند”، وعليه حمرة ليست بالصافية تخالطها شعرة من السّواد فيها حمرة، وقيل الغُبسة: “بياض فيه كدرة كلون الذئب. والغترة في الألوان شبيهة بالغبسة يخالطها حمرة”، ويقال الأغبس من الدواب هو “الأدلم”: قالوا الغَبْسةُ مثل الدُّلْمَة، وقيل في الأدلم إنه أسود.
الشُّقْرة
وهى “حمرة صافية”، يَحْمرُ معها العُرف والذنب، فإن أسودَّا سُميّ اللون كمَيتاً، وجمع الأشقر شُقر.
وقيل إن العرب كانت تتشاءم بالفرس الأشقر، فأراد الرسول إبطال هذا التشاؤم، فقال: “يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا”، (رواه أبو داود).
وجاء في الأخبار أن العرب كانت تتشاءم بالأشقر بسبب سرعته المُفْرِطة في الحرب، ويروى أن لقيط بن زرارة كان في يوم جبلة، على فرس أشقر فبدأ يقول: “أشقر إن تتقدم تُنحر وإن تتأخر تُعقر” فذهبت مثلاً، ذلك أنّ شُقْر الخيل سراعها، فالأشقر إذا جرى على سرعته المعهودة، كان في الحرب أول الخيل التي تصل إلى العدو فَيُنْحَرُ “أي يُقْتَل”، وإن أبطأ وتقهقر منهزماً، أتوه من خلفه فعقروه.
الشُهْبة
ليس في ألوان الخيل ما يُسمى الأبيض، فالشُهبة في ألوان الخيل هي البياض الذي غلب عليه سواد، فالفرس أشهب، والأنثى شهباء والجمع شُهُبْ، والحديدي هو الفرس الذي غلب على شُهْبته السّواد، كأنه في لون الحديد.
وحال شمل بياض الأشهب شعرات سود مفرقة، كثرت أو قلت، قيل فيه: أشهب أحم بسواد. وإذا شمل البياض شعرات حُمْر، على ما وصفت في السواد، قيل فيه: أشهب أحم بحمرة. وإذا غلب بياض الأشهب سواده، فهو الأشهب الكافوري نسبة إلى طلع النخل، وهو أيضاً الأشهب الواضح وهو أشد ما يكون من البياض، ولا يقولون فرس أبيض.
ويذكر بكتوت الرماح في كتابه: “علم الفروسية وسياسة الخيل”، أن الحصان الأشْهَب من المراكب الفاخرة، ومنه جنس يقال له الدّبَاتي، وهو أفره الخيل، وقد شبهه الأوائل بالبيضاني من الطّير، وهو منصوص عليه لدى القدماء بالفراهة واليمن وهو أزهاها قدراً، لأنه من مراكيب الملوك.
الصّفُرة
هي لونٌ صُفْرَته كالذهب، وربما كانت عليه شَعْرات سود تخالطها لكنها ليست غالبة عليها، ويكون عُرْف الحصان وناصيته (الشعر النابت بين الأذنين) وذنبه صُهْبٌ، وإلى البياض أقرب منه للصفرة.
وقال الأصمعي: “إنه لا يُسَمْى الأصفر حتى يَصْفَر عرفه وذنبه، بينما قال أبو عبيدة: “الأصفر الناصع من الخيل هو الأصفر السّراة (السّراة أعلى متن الفرس)، تعلو متنه غمامة غَبْساء (الغُبْسة والغَبَس: لون الرّماد، وهو بياض فيه غَبْرَةٌ)، وهو أصفر الجنبين والمراق، تعلو أوظفته غبسة، وشعر ناصيته وذنبه أسود غير حالك.
والأصفر الذي تسميه الملوك السهروي، فيكون بين الأصفر والسوسني، وعرفه وذنبه أصهبان أي السواد كلون المسك، والأصفر الأعفر من الخيل، وهو الأصفر الجنبين والعنق، وتعلو عفرة أسراته كلها متنه، وعنقه، وعجزه، وهي بياض ليس بالشديد، وجنباه ونحره وجرانه (باطن العنق) ومراقه ووجهه أصفر، وناصيته وعرفه وذنبه أسود فيه صَهب.
وحال كان العرف والذنب أميل إلى البياض فهو الأصفر الفاضح، وإذا كان العرف والذنب أسودين ليس فيهما صُهْبة، فهو الأصفر المطرف، و”المطرف” من الخيل هو الأسود الرأس والذنب، وسائره مخالف لذلك، أو أبيضهما وسائره مخالف لذلك، والأصفر المُدَنّر: هو الذي يشتد بياض ناصيته وعرفه وذنبه، ويقول الكلبي: “إن جلد الفرس إذا كان أسود أنبت الشعر أسود، وإذا كان أبيض صفت الصفرة وأنبت الشعر أبيض، وليس تخلص الصفرة إلا ببياض الجلد”.
الصِّنابية
“الصِّنابي” من الخيل، وهو الذي يخالط لونه شعرة بيضاء لا تختلط مع لونه، ولا تجتمع فتكون شهبة، ولا بلقاً، ويكون ذلك البياض أقل من الشهبة.
ويقال فيه “أدهم صنابي”، إذا كان عمود لونه الدهمة، وكذلك في الكمتة والوِرْدة والشقرة فيدعى، بأي لون كان عموداً له، (كميت صنابي، وورد صنابي، وأشقر صنابي). وقيل في الصِّنابي هو الذي لونه بين الحمرة والصّفرة، منسوب إلى الصّناب وهو صباغ يتخذ من الخردل والزبيب، (والصِّباغ في قول الكلبي: الإدام المائع، ذلك أن الصناب إدام يتخذ من الخردل والزبيب).
البَلَق
و”البلق” في الفرس وغيره، سواد وبياض، وهو ظهور البياض في أي لون كان من الألوان، والبلق في الخيل يُدْعى بما يخالطه من الألوان، حيث يقال: كميت أبلق، وأشقر أبلق وكذلك في سائر الألوان. وإذا أصابت وجه الأبلق غُرَةٌ أو قُرْحَةٌ أو زُرْقة، دعي بجميع ما يصيبه من ذلك ثم تختم الصفة بذكر البلق.
ومن البلق: “الأبلق الأدرع”: وهو الذي ظهر البياض في جسده، وخلص من البياض عنقه ورأسه أو رأسه خاصة، وإذا كان في هامته بياض، وكانت عنقه مع ذنبه لا بياض فيهما فهو أيضاً أدرع، والأنثى درعاء والجمع درع.
و”الأبلق المُطرف”: وهو الأبيض الرأس والذنب، وسائر جسده يخالف ذلك، كذلك إن كان أسود أو أحمر وسائر الجسد على خلافهما. وإذا ابيض الذنب كله وحده من غير رأس ولا عنق، فهو مطرف أيضاً، وقيل في المطرف إنه الأبيض الأذنين والقوائم والعرف والذنب، وسائر الجسد يخالف ذلك، وكذلك إذا اسود الرأس والذنب وخالفا سائر الجسد، فهو مُطرف أيضاً.
و”الأبلق المُوْلع”: الذي في بلقه استطالة، والأبلق المُلَمّع ليس فيه استطالة في بلقه، وقيل: هو الذي تكون في جسمه بُقع تخالف سائر لونه، أي لون كان. ويدعى المُلَمّع بلونه إذا كانت فيه لَمَعٌ مثل الدرهم وأكبر، فيقال: أدهم مُلَمَّعٌ، وكميت مُلَمَّعٌ، وأكثر اللمع تكون في الكفل.
خاص موقع الخيل