القبطان / حسام رستم
“وهب حياته وحبه للحفاظ على تراث أجدادنا الفرسان الذين اهتموا برعاية الخيل وأصحاب أسس وقواعد تدريب الخيول وتأديبها”.. هو الراحل الحاج زكريا عثمان، الذى يعد واحدا من الرعيل الذى ضم صفوه القوم من شمال مصر إلى صعيدها، واسما مرموقاً فى عالم الفروسية الشعبية وأدب الخيل.
يشار إلى أنه من بين ذلك الرعيل الذهبى عائلات: “الجيار من كوم حماده، والبرايكة وأبو جازيه بالغربية، رضوان بلال بالمنوفية ومهنا بالبحيرة، صالح زغلول فى الدقهلية، غراب بالجيزة وحسين محجوب ببنى سويف.
وكرست هذه العائلات كل جهدها وأنفقت الكثير من أجل إعداد جواد مميز ذا تكوين جسمانى فريد ومتكامل بالإضافة إلى إمكانيات تدريبيه راقية لا يمكن انتقادها.
بدأت علاقة عثمان بالخيول منذ صغره فى محافظة الشرقية، حتى انتقل إلى القاهرة، حيث كانت أول فرسه يقتنيها تسمى “شهباء” فى عام 1955، كان ثمنها 40 جنيها وكان ذلك المبلغ كبيراً حينها، ليبدأ العصر الذهبى لفنون الفروسية الشعبية حتى منتصف الثمانيات.
كان عثمان وأقرانه من الفرسان والمربين والمدربين أول من يتم استدعائهم بخيولهم لافتتاح المعرض الزراعى بالجزيرة وفى احتفالات أعياد الثورة وتأميم قناة السويس، وكثير من المناسبات القومية والدينية، ومع استدعاؤة من مكتب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ليؤدى عرضاً لأدب الخيول العربية أمام الرؤساء “عبدالناصر، نهرو والرئيس تيتو”، حتى أصبح عنصراً رئيسيا فى برامج استقبال رؤساء الدول.
وبمناسبة إعادة افتتاح قناة السويس بعد حرب العبور “6 أكتوبر 1973″، وإقامة احتفالية مهيبة طلب الرئيسى محمد أنور السادات حضور الحاج زكريا ليؤدى بخيوله أجمل العروض أمام شاه إيران.
الحاج زكريا عثمان يتذكر الأيام الخوالى ويتذكر عمالقة التدريب ويثنى عليهم ومنهم الحاج محمد أبو مره وعائلة سرحان وحسين سرحان وأحمد حشمت والذين تركوا بصمات حتى الآن يهتدى بها المدربون الحاليين فى تدريبهم لخيولهم وإن كان هناك فارقاً فى الإمكانيات خاصة فى تكلفة إعداد الجواد للأدب حيث كان مرتب المدرب للحصان لمدة سنة 30 جنيها وكان المدرب ينتقل إلى الجواد ويقيم بجواره أما الأن فمرتب المدرب يتراوح ما بين “3000 إلى 5000 جنيه” شهريا حسب شهرة المدرب كما يتنقل الجواد إلى المدرب. “وفقا لأحد مقالات القبطان حسام رستم صاحب مزرعة الركاب خانة“
ويضيف القبطان حسام رستم، أن الحاج ذكريا عثمان يشرح قواعد اختيار الجواد لأداء “الأدب”، حيث أنه لابد من توافر عناصر جمال وسلامة التكوين الجسمانى وإكتمال الصحة العامة مع إتساع منطقة الصدر وقوة الرقبة وسلامة القوائم الأربعة كما أن عناصر التكوين النفسى للجواد تمثل عناصر هامة، حيث يجب أن يكون الجواد مقبلا على أداء الأدب بسعادة وبفرحة وشغف وأن يكون الجواد ذو حضور وذكاء بالإضافة إلى حسن الخلق وعدم وجود عادات سيئة كما أن العمر المناسب لبداية التدريب هو 3 ثلاث سنوات“.
“أما وسائل التدريب فإنه لا توجد مناهج نمطية لتعليم الحصان الأدب ولكنها أساليب متوارثه منذ القدم ولكن يجب الآخذ فى الاعتبار أنك له تجبر راقصا على الرقص باستخدام السوط ولذا فإن الحاج زكريا عثمان يرفض أساليب العنف فى التدريب كما يرفض استخدام أدوات تجلب الألم للجواد ويعتبر أن العنصر الرئيس لنجاح التدريب هو الصبر وعدم الاستعجال حتى لا يمل الجواد ويصاب بالزهق.
ويعتبر الراحل الحاج زكريا من المحكمين البارزين لمباريات الأدب وهو يمتاز بالعدالة والصبر والخبرة ويحظى أيضا باحترام وحب كل فرسان الأدب فى مصر.
ويركز عثمان فى تحكيمه على عدة نقاط هى:
انتظام حركة المربع مع تقارب ارتفاعات قوائم الحصان الأربعة على التوالى مع انتظام الإيقاع وأن يؤدى الحصان هذا الحركات ضاحكا وغير عابساً أو عصبياً كما أن وضع الفارس على الجواد ومقعده وركاباته ومدى ثباته داخل السرج لها اعتبار خاص عند التحكيم، ثم أن عده وشدة الجواد تمثل الواجه المشرفة للفارس وصاحب الجواد والمطلوب هنا هو سلامه ونظافة الشدة وليس المطلوب ثراؤها أو قيمتها المالية.
وحصل الحاج زكريا عثمان على مئات الجوائز وشهادات التقدير سواء على مستوى الجمهورية أو بمحافظة الجيزة ولكن جائزته الكبرى هى حب واحترام الناس.
ويتابع القبطان حسام رستم: “فوجئنا بأن هناك اتحادا للأندية الريفية يتبع وزارة الشباب ومن أهم اهتماماته أنشطة الفروسية الشعبية مثل أدب الخيول والتحطيب والحكشه وله مقر فى شارع قصر النيل.. وكان له دوراً كبيراً فى مهرجانات مصر الرسمية مثل أعياد الثورة وعيد الفلاح ووفاء النيل وهنا يجب أن نتسائل.. لماذا توقف هذا النشاط.. وكيف نعيد هذا التراث مره أخرى.. وكيف نحافظ عليه“.