يعتبر الأمير محمد علي توفيق أكثر مَن دوَّن عن الخيل العربي الأصيل، وهو من حفظ لنا تراثه بشكل يكاد يكون كاملاً، حيث ألف العديد من الكتب التي تغطي جميع جوانب ذلك المجال، سواء أنسابها، أو أنواعها، أو طرق تربيتها وتحسينها، أو علاجها، وغيرها مما يخص صناعة الخيل.
وُلِدَ الأمير محمد علي توفيق بالقاهرة فى 9 نوفمبر سنة 1875م. يتصل نسب الأمير محمد على توفيق مباشرة بمحمد على باشا والى مصر، ويحمل اسمه، ويسبقه فى الترتيب الزمنى أبوه وثلاثة أجداد، هم: الخديوى توفيق، والخديوى إسماعيل، وإبراهيم باشا، ومحمد على باشا على الترتيب.
وأمه الأميرة أمينة نجية بنت إبراهيم إلهامى باشا ابن عباس الأول بن محمد على باشا الملقبة بـ “أم المحسنين”، وهو شقيق الخديوى عباس حلمى الثانى، وولىُّ عهده، وله ثلاث شقيقات، هن الأميرات: نازلى، وخديجة، ونعمة الله.
نشأ الأمير محمد على توفيق فى أسرة تحب الخيل وتعشقها، فهو حفيد عباس باشا الأول مؤسس مملكة الخيل المصرية الحديثة.
بصمات الأمير محمد علي توفيق في تأسيس محطة الزهراء
كانت للأمير محمد علي توفيق بصمات واضحة فى تأسيس محطة الزهراء لتربية الخيول العربية، حيث أهدى الجمعية الزراعية الملكية عند تأسيس قسم تربية الخيل الأفراس التالية:
- رزقية فى ٦/١/١٩١٤م.
- دوحة فى ١٩/٣/١٩١٩م.
- أم دلال فى ١٩/٣/١٩١٩م.
- دلال فى ٥/٢/١٩٣٢م.
وقررت الجمعية أن تشترى بعد ذلك كل ما يُعرَض عليها من الأفراس الأصيلة التى تَرَبَّتْ فى إسطبلات الأمير محمد علي توفيق؛ حتى تتمكن من زيادة الإنتاج وتموين فروع الطلوقة بالطلائق اللازمة، فاشترت:
- المهرة فريدة فى عام ١٩٢١م.
- عروسة فى ٤/١٢/١٩٢٢م.
- جميلة الممرحية فى ٨/٦/١٩٢٢م.
- سعادة فى ٣/٥/١٩٣٠م.
واشترت الجمعية الزراعية أيضًا مجموعة من الذكور منه؛ لاستخدامها فى النَّزْوِ على الأفراس، وكذلك لإرسالها إلى المستودعات فى المحافظات لتحسين النسل:
- غزال فى ٢١/١٢/١٩٢٢م.
- جميل فى ٥/٢/١٩٢٣م.
- هدبان فى ٥/٢/١٩٢٤م.
- جربوع فى ٥/٢/١٩٢٤م.
- طيار فى ٥/٢/١٩٢٤م.
- سيلفى ٥/٢/١٩٢٤م.
- كوكب فى ٥/٢/١٩٢٧م.
- مبروك فى ٥/٢/١٩٢٧م.
- برق فى ٢/٢ / ١٩٢٨م.
كما استخدمت الجمعية الزراعية الخيول الذكور الطلائق الآتية للنَّزْوِ على الأفراس:
- الحصان جميل منيل الصقلاوى الجدران.
- الحصان مبروك الكحيلان الممرح.
- الحصان ربدان كحيلان ربدة كحيلان عجوز.
- الحصان سمحان الصقلاوى الجدران.
- الحصان هدبان الكحيلان الممرح.
كما أهدى الجمعية حصانين للطلوقة، هما:
- ابن حلبى “فارس” فى ١/٦/١٩١٨م.
- ربدان فى ديسمبر ١٩٢١م.
طلائق الأمير محمد علي تنتج أعظم خيول محطة الزهراء والعالم
كانت الطلائق التي أهداها الأمير محمد علي توفيق لمحطة الزهراء أهم مصدر لإنتاج أعظم الخيول، وكمثال فإن الحصان ربدان أنتج الحصان الأسطورة ابن ربدان أجمل حصان فى ذلك الوقت، وهو والد الحصان المميز شهلول، الذى أثرَى دماء الخيل المصرية. ومن أشهر إنتاجه الفرس أم السعد والفرس بكرة والفرس منية النفوس والفرس قطيفة، وأبو الحصان حمدان صاحب القصة الشهيرة، والذى أطلق أحمد باشا حمزة اسم إسطبلات حمدان على مزرعته حبًّا وعشقًا له. كما قامت الجمعية الزراعية بإهداء الحصان حمدان إلى الملك فاروق.
كما أن الحصان “جميل” أنتج الحصان “منصور” منتج الأبطال وأهم الطلائق التى غيَّرَت شكل الحصان فى العالم، مثل الحصان مؤسس جيل الأفراس الأمهات القوية “شيخ العرب”، وكذلك الحصان “نظير” أشهر حصان فى العالم، وله أبناؤه فى كل مكان، وليست هناك شهادة نسب تخلو منه فى وقتنا الحاضر.
ولو نظرنا إلى الخيول التى قُدِّمت هدايا للحكومات أو الملوك والأمراء، لوجدناها لا تخلو من دماء خيول الأمير محمد علي توفيق، وهدايا الملوك والأمراء جميعها ثمينة. وهذا يتضح فى الخيول التالية التى قدمت هدايا:
هداب: الأب ابن ربدان والأم بنت بنت هادبة، أهْدِىَ عام ١٩٣٨م إلى حكومة السودان.
دهمان: الأب ابن ربدان والأم سعادة، أهْدِىَ لملك العراق عام ١٩٤٠م.
الفجر: الأب منصور والأم صباح، أهْدِىَ إلى الأمير عبد الله أمير شرق الأردن عام ١٩٤٠م.
ابن منصور: الأب منصور والأم بنت رسالة، أهْدِىَ للملك عبد العزيز ملك السعودية عام ١٩٣٩م.
ولخيول الأمير محمد على توفيق بصمة واضحة فى نتاج محطة الزهراء، فقد أحدثت الطلائق الخاصة به لمسة الجمال والقوة. وتأثير دماء خيول الأمير محمد على توفيق واضح فى إنتاج الكثير من الخيل.
كان الأمير محمد على توفيق يؤمن بأن “شهادة النسب” التى لا تعكس جمال الحصان وقوته مجرد قصاصة ورق.
الأمير محمد علي يرفع محطة الزهراء للقمة ويوثق أنساب الخيول
الحقيقة التي لا جدال عليها أن خيول الأمير محمد علي توفيق غيَّرت شكل الحصان، ورفعت محطة الزهراء إلى القمة، وجعلتها تحافظ عليها لسنوات طويلة، وأصبح برنامج تربية الخيول بالجمعية الزراعية الملكية من أقوى برامج تربية الخيول فى العالم تميزًا، وله صفات خاصة مختلفة فى الجمال والتراكيب، كما يُعَدُّ مصدرًا لاهتمام العالم بإنتاجه من حيث الجودة والشكل. وقد أضاف الكثير من الخبرات للمربين، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وكان الأمير محمد على توفيق سببًا – ولو بشكل غير مباشر – فى إعداد سجلات أنساب رسمية للخيل لأول مرة فى مصر، ذلك أنه عقب رفض إحدى الهيئات الأجنبية الشهادة الخاصة بنسب الحصان “سعدون” المستخرجة من سجلات الأمير محمد على توفيق، قدَّمَ مدير عام الجمعية الزراعية عام ١٩٣٢م مذكرة إلى لجنة تربية الحيوانات بالجمعية حول أهمية إنشاء سجل للخيول العربية تعتمده الحكومة؛ حتى تعترف جميع الحكومات والهيئات بالشهادة التى تُعطَى عن الخيول العربية المسجلة ، وبناء على ذلك سجلت الجمعية الزراعية الملكية دفاتر خاصة فى المحكمة المختلطة، وجرى العمل بها من أول نوفمبر سنة ١٩٣٣م.
كنوز الأمير محمد علي في ثقافة الخيل
قدم الأمير للمكتبة العربية عددًا كبيرًا من الكتب والرسائل فى مجال تربية الخيل، تُمثِّل بحق ثروة معلوماتية فريدة تستند إلى تجربة عملية استمرت أكثر من 35 سنة فى هذا المجال، وتمثل مراجع مهمة للمربين والدارسين والباحثين فى شئون الخيل.
ولا يملك قارئ هذه المؤلفات إلا أن ينظر إليها بما تستحقه من إجلال وتقدير؛ لما تميزت به من دقة المعلومات والحقائق والتجارب التى عايَشَ من خلالها الأمير محمد على توفيق الخيل فى كل شئونها، على الرغم من تَبوُّئِه مكانة رفيعة فى ذلك الوقت، حيث كان وليًّا للعهد ثلاث مرات: الأولى استمرت سبع سنوات فى عهد أخيه الأكبر عباس حلمى الثاني، والثانية استمرت ثلاث سنوات فى عهد الملك فؤاد الأول، والثالثة استمرت خمسة عشر عامًا فى عهد الملك فاروق، كما عُيِّنَ وصيًّا على عرش مصر لحين بلوغ الملك فاروق السن القانونية.
ويتضح من تلك المؤلفات والرسائل أن أعباء ولاية العهد لم تمنعه من مواصلة رسالته تجاه عشقه الكبير: الخيل.